كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

إذ ينصر الله المؤمنين الصادقين عليهم، وأنواع العقوبات المادية والمهلكات الجسدية والنفسية التي ينزلها الله بهم، ثم ما ينال بعضهم من تدمير شامل، كما حصل لبعض الأمم التي كفرت برسل ربها وكتبه واليوم الآخر وأكثرت في الأرض الفساد.

والنصوص القرآني التي بينت عقوباتهم المعجلة كثيرة. فمنها ما يبيِّن واقع حالهم النفسي القلق المضطرب المتمزق، المشحون بالهموم والأكدار. ومنها ما يشتمل على وعيد الكافرين بأنواع العقوبات المعجلة، وهذا الوعيد قد يكون وعيداً جازماً مقطوعاً به، وقد يكون تهديداً صريحاً، وقد يكون تلويحاً وتعريضاً بالتهديد، وألوان التربية القرآنية في هذا كثيرة ومتنوعة. ومنها ما يشتمل على وعد المؤمنين الصادقين بالظفر والنصر والتأييد ضد أعدائهم، وهذا يتضمن وعيداً للكافرين بأن الله سيخذلهم ويذلهم وينصر المؤمنين عليهم. ومنها ما يشتمل على بيان قصص ووقائع تاريخية أنزل الله فيها بالكافرين عقوباتهم المعجلة في الدنيا، وفي عرض هذه القصص بيان لسنة الله في عباده حتى يعتبر بها الذين كفروا إن كانوا من الذين يعتبرون ويتعِّظون.

والعنوان الشامل لعقوبات الكافرين معلن في قول الله تعالى: {فمن كفر فعليه كفره} ، أي: فكفره يكون عليه ضرراً وأذى، ولا يكون لمصلحته بحال من الأحوال، لا في الحياة الدنيا ولا في الآخرة، وحينما يتصور أن كفره سيجلب له فائدة أو مصلحة أو خيراً عاجلاً فإن كفره لا يزيده إلا خساراً، كل هذا نجده موضحاً في قول الله تعالى في سورة (فاطر/35 مصحف/43 نزول) :
{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً}

والمقت الذي ينزل عليهم يملأ صدورهم ضيقاً وحرجاً، وهماً وحزناً، والخسارة يلاحقهم حيثما توجهوا، كل ذلك بسبب كفرهم بما يجب أن يؤمنوا به مما أنزل الله على عباده.

الصفحة 439