كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

فإلقاء الرعب في قلوبهم قد كان بسبب كفرهم وإشراكهم بالله ما لم ينزل به سلطاناً.

وأما توهين كيدهم فيدل عليه قول الله تعالى في سورة (الأنفال/8 مصحف/88 نزول) :
{ذالِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ}

وطبيعي أن يولي الكافرون الأدبار حينما يقذف الله في قلوبهم الرعب ويوهن كيدهم، ولذلك خاطب الله الذين آمنوا بقوله في سورة (الفتح/48 مصحف/111 نزول) :
{وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً}

وقد حذر الله الكافرين من عقوبة خذلهم ونصر المؤمنين عليهم، بالتلويح مرة، وبالتصريح أخرى، وبالتطبيق العملي في معاركهم ضد المؤمنين الصادقين.

فمن صور التلويح بالتهديد قول الله تعالى في سورة (النور/24 مصحف/102 نزول) :
{لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ}

فهم مهما بلغت قوتهم في الأرض لا يعجزن المؤمنين الصادقين القائمين بما أوجب عليهم، لأن الله يمد أولياءه بمعونته ونصره، ويخذل أعداءه وما النصر إلا من عند الله، أما في الآخرة فمأوى الكافرين النارُ دار العذاب، ولبئس هذا المصير مصيرهم.

وقد جاءت هذه الآية طمأنةً للرسول والمؤمنين بوجهها الصريح، واشتملت أيضاً على تلويح تهديدي للكافرين بموجب دلالتها المتعلقة بهم، ولو لم يكن الخطاب فيها موجهاً بصراحة لهم، لكن آية أخرى قد جاء فيها توجيه الخطاب للكافرين بأنهم غير معجزي الله، فقال تعالى يخاطب المشركين في سورة (التوبة/9 مصحف/113 نزول) :

الصفحة 442