كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ الْمَكِيدُونَ}
أي: فمكايدهم تعود عليهم، ولا ينال المؤمنين الصادقين ضرها البالغ، ولذلك خاطب الله المؤمنين بقوله في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) :
{لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}

فقد جاءت هذه الآية في معرض الحديث عن اليهود، وهم أكثر الناس مكايد للمؤمنين ولسائر الناس.

فما على المؤمنين الصادقين الملتزمين بأوامر الله إلا أن يواجهوا أعداء الله بثبات وصبر، بعد أن يعدوا لهم ما يستطيعون من قوة، وتكون نسبة عدوهم لا تزيد على ضعفهم.

لقد كان التكليف أول الأمر يلزم المؤمنين بأن يقابلوا عشرة أضعافهم، ثم خفف الله هذه النسبة إلى ضعف واحد، نظراً إلى حالة الضعف النفسي الذي عليه الناس مهما بلغ إيمانهم، إذ لا يرتقي شعورهم الجماعي العام إلى مستوى النسبة العظمى، ولو بلغ شعورهم الجماعي إلى هذا المستوى لكتب الله لهم النصر على عدوهم، وإن كانت قوته عشرة أضعاف قوتهم أو أكثر، وهذا ما بينه الله بقوله في سورة (الأنفال/8 مصحف/88 نزول) :
{ياأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * ياأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن منكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُنْ منكُمْ مئَةٌ يَغْلِبُو?اْ أَلْفاً منَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ}

أي: ليس لهم غاية يفقهونها فترفع قواهم المعنوية على القتال، ولا أمل لهم فيما بعد الحياة الدنيا، لذلك فهم شديدو الحرص على الحياة، وهذا هو مولد الجبن في قلوبهم.

وعقب ذلك جاء التخفيف في هذا المستوى من التكليف الإلزامي، فقال تعالى في سورة (الأنفال/8 مصحف/88 نزول) :

الصفحة 444