كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

{وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}

ويدل على ذلك أيضاً قول الله تعالى في سورة (السجدة/32 مصحف/75 نزول) :
{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ منَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكرَ بِآيَاتِ رَبهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ}

والعذاب الأدنى هو العذاب المعجل في الدنيا والغرض منه رجاء إصلاحهم أو الاتعاظ بهم، وقد يدخل في العذاب الأدنى عذاب ما بين الموت والبعث.

* العقوبة بالإهلاك العام والتدمير الشامل:
ويأتي في قمة أنواع العذاب المعجل للكافرين عقابهم بالإهلاك العام والتدمير الشامل، لقمع بؤرة الشر التي لم تُجدِ فيها كل وسائل الإصلاح، وليكون هذا العقاب عبرة لغيرهم، حتى يرتدعوا عن كفرهم وطغيانهم وتماديهم في الفساد، ولينصر الله بذلك رسله والمؤمنين.

لما اشتد استهزاء الكافرين برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاطبه الله مطمئناً ومسلياً له بقوله في سورة (الرعد/13 مصحف/96 نزول) :
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ}

فكان عقاب الله لهم بالإهلاك العام، والعذاب الشامل.

وقص الله علينا في القرآن طائفة من قصص إهلاك الأولين، ليكون ذلك عبرة لأولي الأبصار، وأوضح لنا أن إهلاكهم كان جزاء لهم بسبب كفرهم وتماديهم في الغي والفساد، وانتصاراً لرسله الذين كذبوهم وسخروا منهم وكادوهم كيداً كبيراً.

فمن أمثلة ذلك إهلاك الله أهل سبأ، لقد كان إهلاكهم جزاء لهم بسبب

الصفحة 449