كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

(ب) العقوبات المؤجلة:

الجزاء المؤجل إلى ما وراء ظروف هذه الحياة الدنيا هو الجزاء الأكبر، وربما يدخر الله لبعض الناس كل جزائهم فينالون كل نصيبهم من هذا الجزاء الأكبر.

ولما كان البحث عن واقع هذا الجزاء المؤجَل من أمور الغيب التي لا يستطيع العقل المجرد أن يتحكم في صورها وأشكالها أو يحكم على مراحلها، لأن بينها وبين العقل حجاب الزمان والمكان، كان المرجع فيها النصوص الدينية الصحيحة ومفاهيمها المقبولة.

وقد دلت النصوص الدينية الصحيحة على أن أنواع العقاب المؤجل تبدأ منذ فترة الموت فما بعد الموت، ثم يكون عقاب أشد في يوم الحساب، وهي المدة التي تكون بعد البعث إلى الحياة الجسدية مرة أخرى، وتستمر حتى إصدار الأحكام النهائية، ثم يكون العقاب الأشد الأكبر في دار العذاب التي أعدها الله للمجرمين.

فهي مراحل ثلاث:
أولاها: مرحلة البرزخ، وهي المدة الفاصلة بين الحياتين الماديتين.

ثانيتها: مرحلة يوم الحساب، وهي تكون بعد البعث وقبل دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.
ثالثها: مرحلة دار الجزاء الأكبر.

وفي هذه المراحل الثلاث أيضاً يتلقى المؤمنون المتقون أنواعاً من ثوابهم، وثوابهم الأكبر يكون في المرحلة الأخيرة، إذ يدخلهم الله جنته.

* عقاب الكافرين في المرحلة الأولى:
لقد دلت النصوص الإسلامية دلالة صريحة على وجود عقاب للكافرين في المرحلة البرزخية التي تبدأ بالموت، وتستمر حتى يبعثهم الله إلى الحياة الجسدية مرة أخرى.

والموت إنما هو انفصال الروح عن الجسد، ومفارقتها له، كما يخلع لابس الثوب ثوبه.

الصفحة 453