كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

ويطلب الكافر مثل هذا الطلب أيضاً وهو في موقف الحساب، وقد دلَّ على ذلك قول الله تعالى في سورة (السجدة/32 مصحف/75 نزول) :
{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ * وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَاكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِني لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَاذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}

ومن جملة هذه النصوص يتضح لنا أن الكافرين يطلبون الرجعة إلى دار الابتلاء أربع مرات.

الأولى: عند موتهم ومشاهدتهم منازلهم في دار العذاب.

الثانية: في موقف الحساب إذ يقفون عند ربهم ناكسي رؤوسهم.

الثالثة: عندما يعرضون على النار بعد الحساب، ويرون ما في النار من عذاب.

الرابعة: حينما يكونون في نار جهنم وهم يذوقون ألوان عذابها الأليم.

وفي كل هذه المرات يُرفض طلبهم، وترد عليهم تمنياتهم.

7- وجاء في القرآن بيان أن الكافرين الذين ماتوا وهم كفار لا يغفر الله لهم، ولا يقبل منهم فدية، إنهم قد ختموا حياتهم في دار الابتلاء بالكفر والعناد وتحدي الحقيقة الإلهية الكبرى، وقضي الأمر، فلا رجعة ولا استئناف ولا غفران ولا فدية.
إن عفو الله وغفرانه يوم القيامة من المنح التي يختص الله بها عصاة المؤمنين، فلا يكون للكافرين منها نصيب.

أما في الدنيا فباب العفو والغفران مفتوح لهم إن آمنوا، فإذا ماتوا مصرين معاندين فقد قطعوا بأيديهم عن أنفسهم حبل الرجاء، وقد أعلن الله

الصفحة 464