كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

الصحيحة في الأجزاء، ووضع محركاً بمقدار محرك دراجة نارية، ثم كتب على سيارته هذه: (عدد الركاب ثمانون راكباً) .
ربما أكون قد بالغت في التمثيل لغرض التوضيح، إلا أن الحقيقة التي عليها بعض المسلمين في فهمهم للتعاليم الإسلامية فيها تغيير كبير في نسبة كل جزء منها إلى المجموع الكلي.

ومن الأمثلة ما يلي:
(أ) يرى بعض الناس أن أهم ما في الدين هو حسن المعاملة مع الآخرين، فيملأ معظم المساحة الدينية به، ويفضي به هذا الفهم إلى ترك مراقبة الله في الأعمال والأقوال والأفكار والنيات، وإلى ترك فروض العبادات أو إهمالها، وإلى عدم الاكتراث بركن الجهاد في سبيل الله لنشر الدين، ونصرة الحق، وإقامة العدل ونحو ذلك من الأمور الجوهرية التي يقوم عليها الإسلام.

(ب) ويرى بعض الناس أن أهم ما في الدين هو القيام بالعبادات الشخصية، كالصلاة والصيام وكثرة الأوراد والأذكار، فيملأ معظم المساحة الدينية بذلك، ويهمل ما في الدين من واجبات وفروض أخرى، أو يُصغِّر من حجمها ويعطيها أقل اهتمامه.

(ج) ويرى بعض الناس أن أهم ما في الدين هو المحافظة على السيما الظاهرة للمسلم، فيولي ذلك كل اهتمامه وعنايته، ويهمل الأسس الجوهرية التي قام عليها الدين عقيدةً وعملاً، أو يصغر من حجمها ويعطيها أقل اهتمامه.

(د) ويرى بعض الناس أن مسؤوليات الدعوة إلى الله، ونشر دين الله، وإقامة الإسلام في الأرض، من خصائص فئة معينة من المسلمين تفرغت للوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأما سائر الناس فمسؤولون فقط عن أنفسهم، فلا هم لهم إلا أمور دنياهم، وتثمير أموالهم، والتمتع بشهوات الحياة الدنيا ولذاتها، والاستغراق في زخرفها، كما يرون أن مسؤوليات الجهاد في سبيل الله من خصائص الجند فقط، المنتظمين في سلك الجيش.
مع أن الإسلام الصافي قد عقد تشابكاً عاماً بين الأفراد والجماعات والقيادات،

الصفحة 50