كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

والصناعي وتطور مفاهيم العصر، والبحوث العلمية في المعامل والمختبرات، للتمويه بها، وتضليل الأذهان المراهقة، مع أن التقدم العلمي والصناعي لم يتوصل بعد إلى قياس شيء من عالم الغيب، بل ما زال عاجزاً حتى الآن عن قياس أمور كثيرة داخلة في العالم المادي، الذي هو مجال كل أنواع التقدم العلمي الذي انتهت إليه النهضة العلمية الحديثة.
فالمعامل والمختبرات والأجهزة العلمية المتقدمة جداً ما زالت عاجزة عن أن تقيس أشياء كثيرة في هذا العالم المادي الذي نشاهد ظواهره، بشهادة كبار العلماء الماديين أنفسهم، وبدليل تجدد المعارف والمكتشفات يوماً بعد يوم، ومتى زعم العلم الإنساني أنه اكتشف كل شيء فقد سقط في الجهل، وأجهز على نفسه بنفسه منتحراً.

يضاف إلى ذلك أن العلماء الماديين من بعد كل دراساتهم ومشاهداتهم وملاحظاتهم المادية يحاولون تفسير ما شاهدوه من ظواهر بنظريات استنتاجية، يقررون فيها حقائق غير مرئية وغير مشاهدة، وهي بالنسبة إليهم وبالنسبة إلى أدواتهم ما زالت أموراً غيبية، ومع ذلك فإنهم يضطرون إلى إقرارها والتسليم بها، ويجعلونها قوانين ثابتة يقولون عنها: إنها قوانين طبيعية.

ومن أمثلة ذلك قانون الجاذبية، إنه قانون غدا من الحقائق العلمية الطبيعية لدى العلماء الماديين. فما هي حقيقة هذه الطاقة؟ هل باستطاعة العلماء أن يشاهدوها بأدواتهم وأن يعرفوا كنهها؟ وكيف أثبتوها؟

ألم يثبتوها بالاستنتاج العقلي استناداً إلى ما شاهدوه من ظواهرها وآثارها؟ هذه هي الحقيقة.
فما بال هؤلاء الملاحدة يسلمون بهذه القوانين الخارجة عن نطاق المشاهدات المادية، وهي بالنسبة إلى حواسهم وإلى الأدوات العلمية المتقدمة أمور غيبية، ثم ينكرون وجود الخالق جل وعلا لمجرد كونه خارجاً عن نطاق الإدراك الحسي، ولا يمكن التواصل إلى إدراكه بالأجهزة العلمية المتقدمة؟

الصفحة 90