كتاب سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله

والجهل. فأنت ترى - عزيزي القارئ - أن ذكر هذه الجملة وحدها {وَنَسِيَ خَلْقَهُ} - رد كاف ومقنع في آنٍ واحد، ومع هذا البيان الواضح ساق القرآن أدلة أخرى في الرد على هذه المقولة منها:
أن منكري البعث سألوا سؤال إنكار وتعجيز عن فاعل إعادة الحياة إلى العظام الدارسة فكان الجواب: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} عبارة محكمة وبرهان قاطع قُرنَتْ فيه الدعوى الذي لا يجد العقل حيلة ارده، الدعوى: هي إحياء العظام, والدليل: هو الذي أنشأها أول مرة.
ومنها أم الذي أنشأها أول مرة: {بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} . أيّ خلق كان: معهوداً للبشر أو غير معهود.
ومنها: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا....}
ومنها: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} .
أي: أيعجز من خلق السموات والأرض عن إعادة الحياة إلى الأموات؟ فأيهما أكبر وأعظم؟ السموات والأرض أم الإنسان؟
{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ... } وهو مع هذا كله خلاق: كثير المخلوقات. وعليم: كثير المعلومات.
{مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} . أي كخلق وبعث نفس واحدة.
ومنها: أنه إذا أراد إيجاد شيء لم يزد على قوله له: {كُنْ} فلا يلبث حتى

الصفحة 47