كتاب السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات

لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجا مِمَّا قضيت ويسلموا تَسْلِيمًا} ، وَلذَلِك أقسم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يكون هَوَاهُ تبعا لما جِئْت بِهِ، فَلَا يكون الْإِنْسَان مُؤمنا إِلَّا إِذا قدم قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَقْوَال أهل الأَرْض جَمِيعًا حَتَّى الرُّسُل والأنبياء، فَمن لم يرض وَلم يقدم ويعظم وَيكرم ويفضل مَا جَاءَ عَن الرَّسُول الْأَعْظَم وَيَرْفَعهُ فَوق الفوق وعَلى كل مَا سواهُ يهدر دَمه، وَيَمُوت كَافِرًا، كَمَا جَاءَ عَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى للمحق على الْمُبْطل، فَقَالَ المقضى عَلَيْهِ: لَا أرْضى، فذهبا إِلَى أبي بكر فَأقر مَا قضى بِهِ الرَّسُول الْأَعْظَم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ ذَهَبا إِلَى عمر فقصا عَلَيْهِ الْقِصَّة، فَضرب عمر رَأس الَّذِي أَبى قبُول حكم الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقتله، فَأنْزل الله تَعَالَى: {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} الْآيَة.
فإياكم ثمَّ إيَّاكُمْ أَن تشاقوا الرَّسُول، احْذَرُوا وَعِيد: {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا} ، وَاعْلَمُوا أَن فِي هَذِه الْآيَة دَلِيلا على أَن كل مَا يَقُول باستحسان بِدعَة فِي الدّين يكون لَهُ نصيب وافر، وجزء كَبِير من الْوَعيد الْمَذْكُور فِيهَا، إِذْ استحسانه للبدعة، وحثه النَّاس على التَّعَبُّد بهَا مَا هُوَ إِلَّا مشاقة ومصادمة لهَذِهِ الْآيَة وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَشر الْأُمُور محدثاتها، وكل محدثة بِدعَة، وكل بِدعَة ضَلَالَة، وكل ضَلَالَة فِي النَّار، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة. وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد " فمتفق عَلَيْهِ. وَلِهَذَا ولاه الله مَا تولى، أَي تَركه فِي ضلاله وطغيانه كَمَا قَالَ تَعَالَى: {نذرهم فِي طغيانهم يعمهون} ، وَقَوله تَعَالَى: {فَلَمَّا زاغوا أزاغ الله قُلُوبهم وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْفَاسِقين} ، ثمَّ يصليه جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا: (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله وَاتَّقوا الله إِن الله سميع عليم يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل كجهر بَعْضكُم لبَعض

الصفحة 2