كتاب السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات

لسنا أَهلا لفهم كَلَام الرَّسُول فَلَا نقرأه إِلَّا تعبداً، وَيَكْفِينَا من قِرَاءَة الحَدِيث أَنا نصلي على النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كلما ذكر، بل قد أنكر علينا بعض كبار وعاظ المديريات أَنا نلقن ونحفظ إِخْوَاننَا الْعَوام الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة بِحجَّة أَنهم رُبمَا يستشهدون بِالْحَدِيثِ فِي غير مَوضِع الاستشهاد بِهِ. فَقلت: يَا سُبْحَانَ الله! أَفلا ننهى النَّاس عَن قِرَاءَة الْقُرْآن لِئَلَّا يستشهدوا بِهِ فِي غير مَوضِع الاستشهاد فنكون قد أضعنا الدّين كُله؟ عياذا بِاللَّه.
ثمَّ إِن وعظهم وتذكيرهم على المنابر لَا يخرج عَن قِرَاءَة مَا سطر فِي دواوين من قبلهم وَهِي لَا تفِيد النَّاس شَيْئا وَإِنَّمَا يفيدهم وعظهم بِكَلَام رَبهم وَكَلَام نَبِيّهم. وَأَن تدريسهم لَا يخرج عَن قِرَاءَة حَوَاشِي وشروح الْمُتَأَخِّرين وَهِي على بعْدهَا عَن الْهَدْي النَّبَوِيّ وتبعيدها لِقَارِئِهَا لَا تفيده شَيْئا من الْحَقَائِق الدِّينِيَّة إِذْ أَن معظمها آراء وأفهام، وَمِنْهَا مَا لَيْسَ لَهُ أصل، وَمِنْهَا مَاله أصل ضَعِيف لَا يعول عَلَيْهِ. فَهِيَ عُلُوم لَا ترقى النُّفُوس وَلَا تهذب الْأَخْلَاق وَلَا تنهض بهَا لَا نهوضا دينيا وَلَا دنيويا. وَلِهَذَا تَجِد الْكثير مِنْهُم لَا يخَاف الله وَلَا يخشاه، وَلَا يستحي من النَّاس.
وَقد سمعنَا من طلاب الْعلم الأتقياء الصلحاء أَن من كبار مدرسي الْأَزْهَر من يتركون الصَّلَاة جهاراً من غير مبالاة وَالْعِيَاذ بِاللَّه، وَإِن هَذَا لَهو الْبلَاء الْعَظِيم وَالْفساد الْكَبِير، وَالشَّر المستطير، وَإِن أردْت أَن تقف على حقائق مجاهرتهم بالعصيان فجالسهم فِي الأرياف تَرَ وَتسمع عَنْهُم مَا لم يكن يخْطر لَك على بَال وَذَلِكَ كُله بِسَبَب أَنهم لم يطلبوا الْعلم لله وَإِنَّمَا طلبوه للوظائف والمرتبات الضخمة فَلَمَّا تحصلوا على مطالبهم أَعرضُوا ونأؤا بجانبهم عَن خالقهم ورازقهم ثمَّ هم مُخْتَلفُونَ على الدَّوَام، فَلَا تراهم أبدا إِلَّا ويطعن بَعضهم على بعض، ونيران الْخلاف والنزاع موقدة بَينهم، وَقد أَمرهم الله سُبْحَانَهُ بِأَن يعتصموا بحبله جَمِيعًا

الصفحة 381