كتاب السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات

ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: " اتبعُوا وَلَا تبتدعوا فقد كفيتم "، وَقَالَ ابْن عَبَّاس لمن سَأَلَهُ الْوَصِيَّة: " عَلَيْك بتقوى الله والاستقامة، اتبع وَلَا تبتدع ". وَقَالَ ابْن عمر: " كل بِدعَة ضَلَالَة وَإِن رَآهَا النَّاس حَسَنَة "، روى هَذِه الْأَخْبَار والْآثَار الإِمَام الدَّارمِيّ فِي سنَنه. وَفِي سنَن أبي دَاوُد عَن حُذَيْفَة قَالَ: " كل عبَادَة لَا يتعبدها أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تعبدوها، فَإِن الأول لم يدع للْآخر مقَالا " وَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز: أوصيكم بتقوى الله والاقتصاد فِي أمره وَاتِّبَاع سنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَترك مَا أحدث المحدثون بعد " رَوَاهُ الدَّارمِيّ أَيْضا. وروى نوح الْجَامِع عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ: " عَلَيْك بالأثر، وَطَرِيقَة السّلف، وَإِيَّاك وكل محدثة فَإِنَّهَا بِدعَة "، ذكره ابْن قدامَة فِي كِتَابه - ذمّ التَّأْوِيل - وَقَالَ ابْن الْمَاجشون سَمِعت مَالِكًا يَقُول: من ابتدع فِي الْإِسْلَام بِدعَة يَرَاهَا حَسَنَة فقد زعم أَن مُحَمَّدًا خَان الرسَالَة، لِأَن الله يَقُول: {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} فَمَا لم يكن يَوْمئِذٍ دينا لَا يكون الْيَوْم دينا. وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: من اسْتحْسنَ - يَعْنِي بِدعَة - فقد شرع. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله: أصُول السّنة عندنَا التَّمَسُّك بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والاقتداء بهم وَترك الْبدع، وكل بِدعَة فَهِيَ ضَلَالَة.
فالكتاب وَالسّنة والْآثَار وَالْأَخْبَار تفِيد النَّاظر فِيهَا بتبصر وتدبر أَن كل بِدعَة فِي الدّين صَغِيرَة أَو كَبِيرَة فِي الْأُصُول أَو الْفُرُوع، فِي العقائد أَو الْعِبَادَات أَو الْمُعَامَلَات فعلية أَو قولية أَو تركية، فَهِيَ ضَلَالَة، صَاحبهَا مؤاخذ معاقب عَلَيْهَا فِي النَّار، وبدعته مَرْدُودَة عَلَيْهِ غير مَقْبُولَة مِنْهُ. ذَلِك لقَوْله تَعَالَى: {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} ، وَفِي الحَدِيث: " مَا تركت من شَيْء يقربكم إِلَى الْجنَّة إِلَّا وَقد حدثتكم بِهِ، وَمَا من شَيْء يبعدكم عَن النَّار إِلَّا وَقد حدثتكم بِهِ " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ، وَفِي رِوَايَة " تركتكم على الْبَيْضَاء، لَيْلهَا كنهارها، لَا يزِيغ عَنْهَا بعدِي إِلَّا هَالك ".
فحذار حذار إخْوَانِي أَن تتبعوا قَول من يَقُولُونَ باستحسان الْبدع فِي الدّين

الصفحة 6