كتاب السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات
وَمَعَ هَذَا فَإِنِّي لَا أوافق جمَاعَة أنصار السّنة على مغالاتهم وتشددهم فَوق الْمَطْلُوب فِي هَذَا الْمَوْضُوع الْبَسِيط، كَمَا لَا أوافق هَؤُلَاءِ الْعَوام والجهلة والمتعالمين على مشادة أهل الْحق بأباطيلهم وأضاليلهم، وَمَا يضربونه لذَلِك من أَمْثَال.
وَأما آيَة {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} فقد نزلت فِي ستر الْعَوْرَة، لَا فِي الْعِمَامَة وَلَا فِي ستر الرَّأْس. وَذَلِكَ كَمَا روى مُسلم فِي صَحِيحه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَت الْمَرْأَة تَطوف بِالْبَيْتِ فِي الْجَاهِلِيَّة وَهِي عُرْيَانَة وعَلى فرجهَا خرقَة وَهِي تَقول:
(الْيَوْم يَبْدُو بعضه أَو كُله ... فَمَا بدا مِنْهُ فَلَا أحله)
فَنزلت {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} وَنزلت {قل من حرم زِينَة الله} أهـ. من لباب النقول فِي أَسبَاب النُّزُول
وَقد أفتى شَيخنَا السَّيِّد الإِمَام الْأُسْتَاذ الشَّيْخ رشيد رضَا رَحمَه الله فِي مجلة الْمنَار تَحت عنوان.
صَلَاة مَكْشُوف الرَّأْس
قَالَ فِي إجَابَته على قَول ثِقَة قَالَ: إِنَّه لَا كَرَاهَة فِي الصَّلَاة وَرَأس الْإِنْسَان عَار، بل رُبمَا كَانَ ذَلِك أفضل، لِأَن هَذَا الْمظهر أقرب إِلَى التذلل والخضوع والعبودية.
وَأما قَول ذَلِك الثِّقَة: إِنَّه لَا كَرَاهَة فِي الصَّلَاة مَعَ كشف الرَّأْس، فَهَذَا يظْهر فِيمَن يُصَلِّي فِي بَيته مُنْفَردا إِذا لم يلتزمه مُتَعَمدا، وَأما الْتِزَامه أَو فعله مَعَ الْجَمَاعَة المستوري الرُّءُوس، أَو فِي الْمَسْجِد بِحَضْرَة من يستنكرونه وَيكون مدعاة للخوض فِي ذمّ فَاعله، فَالْقَوْل فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ وَاضح، أما الأول فَلِأَنَّهُ الْتِزَام لَا دَلِيل فِي الشَّرْع عَلَيْهِ، بل هُوَ مُخَالف لما جرى عَلَيْهِ الْعَمَل الْغَالِب
الصفحة 69
396