كتاب السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات

الْبَاب الْخَامِس عشر فِي بَيَان حكم أَن الصَّلَاة فرض على الْمَرِيض يُصليهَا كَيْفَمَا اسْتَطَاعَ وَبَيَان كيفيتها. وإهمال النَّاس لَهَا لأخف مرض

اعْلَم أَيهَا الغافل عَمَّا افترضه الله عَلَيْك أَن الصَّلَاة هِيَ أعظم ركن فِي الْإِسْلَام بعد التَّوْحِيد، وَقد عظم الله شَأْنهَا فِي كِتَابه فَذكرهَا نيفا وَثَلَاثِينَ مرّة، آمرا عباده بأقامتها والمحافظة عَلَيْهَا. والخشوع فِيهَا. كَمَا بَين تَعَالَى أَن النَّاس جَمِيعًا يهلعون ويجزعون وللخير يمْنَعُونَ {إِلَّا الْمُصَلِّين الَّذين هم على صلَاتهم دائمون} وتوعد الغافلين عَنْهَا بأشد وَعِيد فَقَالَ: {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} كَمَا حكى عَنْهُم فَقَالَ: {مَا سلككم فِي صقر؟ قَالُوا: لم نك من الْمُصَلِّين} وَبَين أَن تَركهَا شرك فَقَالَ: {أقِيمُوا الصَّلَاة وَلَا تَكُونُوا من الْمُشْركين} وعد الرَّسُول ( [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) تَركهَا كفرا، وَقَالَ: " من ترك الصَّلَاة فقد كفر، بَين الرجل وَبَين الشّرك وَالْكفْر ترك الصَّلَاة ". وَلما أنزل الله عَلَيْهِ {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} قَالَ ( [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) : " من ترك صَلَاة الْعَصْر فقد حَبط عمله " وَقَالَ: " من ترك صَلَاة الْعَصْر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله ".
هَذَا وَالنَّاس فِي غَفلَة ساهون " وَبِهَذَا التهديد البليغ لَا ينزجرون، فترى كثيرا من النَّاس، بل كلهم بِمَا فيهم حَملَة الْقُرْآن، وَحَملَة (العلمية والعجمة) من أهل الْأَزْهَر - لأدنى مرض خَفِيف يتركون الصَّلَاة فَوْرًا. كَأَنَّهَا هِيَ الْحمل الثقيل على ظُهُورهمْ، فيضعونها قبل كل الأثقال. أَو كَأَنَّهَا هِيَ الشَّيْء الَّذِي لَا يهتم لَهُ كثيرا، فَإِذا جلس أحدهم فِي الشَّمْس قَلِيلا، أَو أَصَابَهُ الزُّكَام، أَو دفيء جِسْمه، أَو أَصَابَهُ أَي مرض طفيف لَا يذكر وَلَا قيمَة لَهُ، فَلَا تراهم إِلَّا أسْرع من الْبَرْق فِي ترك الصَّلَاة، وَذَلِكَ هُوَ الضلال الْبعيد.

الصفحة 78