كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 2)

وأنه صحيح باتفاق ومنها أن يكون قولنا جاء زيد وعمرو بعده تكرارًا لاستفادة البعدية من الواو وقولنا: جاء زيد وعمرو قبله تناقضًا وهو مجيئه بعد للواو وقبل لقبله واللازم منتف بالاتفاق.
والجواب: غاية ما ذكرتم صحة إطلاقها من غير إرادة ترتيب ولا يلزم كونه حقيقة فيه غايته أن يقال: المجاز خلاف الأصل فنقول: لكن يجب المصير إليه إذا دل الدليل عليه وما سنذكره من أنه للترتيب يدل عليه ولا يخفى عليك أن هذه معارضة لا تنفى صحة الدليل نعم لو تم دليلهم لتوقف دليلنا للتعارض فوجب الترجيح وأنه لا يتم كما سترى.
قالوا: أولًا: قال اللَّه تعالى: {ارْكَعُوْا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧]، ففهم منه أن السجود بعد الركوع ولولاه لجاز الأمران.
والجواب: لا نسلم أن الترتيب فهم منه ولعله مستفاد من غيره إذ لا يلزم من موافقة الحكم للدليل كونه منه ولا من عدم دلالته عليه عدم الدليل مطلقًا.
قالوا: ثانيًا: لما نزل {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨]، قال عليه السلام: "ابدءوا بما بدأ اللَّه به" فصرح بوجوب الابتداء بما بدأ اللَّه به ويفهم منه ترتيب الوجوب على ابتداء اللَّه به ولولا أنه للترتيب لما كان كذلك.
والجواب: أنه لنا لا علينا فإن الترتيب مستفاد من قوله: "ابدءوا بما بدأ اللَّه به" ولو كان الواو للترتيب لفهموه من الآية فلم يشكوا فيه فلم يسألوا فلم يحتاجوا إلى قوله: "ابدءوا" فلما سألوا علمنا أنها ليست للترتيب.
قالوا: ثالثًا: خطب أعرابى عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: من أطاع اللَّه ورسوله فقد اهتدى ومن عصاهما فقد غوى فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بئس خطيب القوم أنت قل ومن عصى اللَّه ورسوله" ولولا أن الواو للترتيب لما كان بين العبارتين فرق فما كان للرد والتلقين معنى.
والجواب: لا نسلم عدم الفرق حينئذ إذ الإفراد بالذكر فيه تعظيم ليس فى القرآن مثله فرد عليه لتركه التعظيم الذى كان يحصل بالإفراد لو أفرد ويدل عليه أن معصيتهما لا ترتيب فيها لأن كلًا آمر بطاعة الآخر فمعصيته معصية لهما ولأنهما تطابقا فى الأوامر طرًا.
قالوا: رابعًا: لو قال قائل لغير المدخول بها: أنت طالق وطالق وطالق وقعت

الصفحة 4