كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 2)

قال: (مسألة: مثل {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} [الحجرات: ١٣]، {يَاعِبَادِيَ} [الزمر: ٥٣]، يشمل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- عند الأكثرين، وقال الحليمى إلا أن يكون معه قل لنا ما تقدَّم وأيضًا فهموه لأنه إذا كان لم يفعل -صلى اللَّه عليه وسلم- سألوه فيذكر موجب التخصيص، قالوا: لا يكون آمرًا مأمورًا ومُبَلِّغًا مُبَلَّغًا بخطاب واحد، ولأن أمر للأعلى ممن دونه، قلنا الآمر هو اللَّه سبحانه، والمبلغ جبريل عليه السلام. قالوا: خص بأحكام كوجوب ركعتى الفجر والضحى والأضحى وتحريم الزكاة وإباحة النكاح بغير ولى ولا شهود ولا مهر وغيرها. قلنا: كالمريض والمسافر وغيرهما ولم يخرجوا بذلك من العمومات).
أقول: ما ورد على لسان الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من العمومات المتناولة له لغة هل يعم الرسول أو كونه واردًا بلسانه يمنع دخوله فيها مثاله قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [الحجرات: ٦]، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} [الحجرات: ١٣]، {يَاعِبَادِيَ} [الزمر: ٥٣]، وغيره
فالأكثر على أنه يشمل الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مطلقًا، وقيل لا يشمله مطلقًا، وقال الحليمى مفصلًا إن كان مأمورًا فى أوله بالقول للأمة نحو: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} [الحجرات: ١٣]، لا يشمله وإلا شمله لنا ما تقدَّم أنه ممن يتناوله اللفظ لغة فوجب الدخول فيه عند التركيب ولنا أيضًا أن الصحابة فهموا دخوله عليه الصلاة والسلام فيها ولذلك إذا لم يفعل بمقتضاه سألوه عن الموجب وذكر موجب التخصيص وذلك تقرير منه لدخوله فيها.
قالوا: أولًا: أنه عليه الصلاة والسلام آمر أو مبلغ فإن كان آمرًا فلا يكون مأمورًا لأن الواحد بالخطاب الواحد لا يكون آمرًا ومأمورًا معًا وإن كان مبلغًا فلا يكون مبلغًا إليه لمثل ذلك فإن قيل قد يكون آمرًا مأمورًا من جهتين قلنا الآمر أعلى مرتبة من المأمور فلا بد من المغايرة.
الجواب: لا نسلم أنه آمر أو مبلغ بل الآمر هو اللَّه والمبلغ هو جبريل وهو حاك لتبليغ جبريل ما هو داخل فيه.
قالوا: ثانيًا: أنه عليه الصلاة والسلام مخصوص بأحكام من وجوب أشياء نحو ركعتى الفجر وصلاة الضحى والأضحى وتحريم أشياء كالزكاة وخائنة الأعين وإباحة أشياء كالنكاح من غير شهود وولى وبلا مهر والزيادة على أربع نسوة والتزويج بلفظ الهبة إلى غير ذلك مما نطق به موضعه فدل على عدم مشاركته لأمته فى عموم الخطاب.

الصفحة 681