كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 2)

قوله: (لمن بعدهم) أى لمن بعد الموجودين فى زمن الوحى وقيل لمن بعد الحاضرين، مهابط الوحى والأول هو الوجه ويدل عليه ما ذكر فى الاستدلال أنه لا يقال للمعدومين يا أيها الناس واعلم أن القول بعموم النصوص لمن بعد الموجودين وإن نسب إلى الحنابلة فليس ببعيد حتى قال الشارح العلامة ذكر فى الكتب المشهورة أن الحق أن العموم معلوم بالضرورة من دين محمد عليه الصلاة والسلام، وهو قريب وما ذكره المحقق من أن إنكاره مكابرة حق فيما إذا كان الخطاب للمعدومين خاصة وأما إذا كان للموجودين والمعدومين ويكون إطلاق لفظ المؤمنين أو الناس عليهم بطريق التغليب فلا ومثله فصيح شائع فى الكلام يعرفه علماء البيان وكذا الاستدلال الثانى ضعيفًا لأن عدم توجه التكليف بناء على دليل لا ينافى عموم الخطاب، وتناوله لفظًا.
قوله: (لو لم يكن الرسول مخاطبًا) فإن قيل هذه الخطابات إنما هى من اللَّه تعالى وإنما الرسول مبلغ قلنا هذا التقرير ناظر إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو الذى يوجه الكلام نحو المخاطبين فهو المخاطب لهم وإن جعلنا المخاطب هو اللَّه تعالى فالتقرير أنه لو لم يكن مخاطبًا لمن بعد الرسول لم يكن الرسول مرسلًا إليهم لأن معنى إرساله إليهم أن يقال له بلغه ما خاطبتهم به وقد وقع فى بعض النسخ وكذا فى المنتهى لو لم يكن مخاطبًا به والمعنى لو لم يكن من بعده مخاطبًا بمثل يا أيها الناس لم يكن الرسول مرسلًا إليهم لما مر.
قوله: (وأما انتفاء اللازم فبالإجماع) لم يتمسك بمثل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: ١٢٨]. "بعثت إلى الأسود والأحمر"؛ لأن الخصم لا يسلم شموله المعدومين.
قوله: (جمعًا بين الأدلة) دفع لما يقال سياق القصص على ما نقلت، يدل على أن احتجاجهم كان بنفس هذه العمومات وأنها تتناولهم، فإن قيل على جواب الشبهتين الأدلة الأخرى أيضًا من قبيل الخطابات والمفروض أنها لا تتناول المعدومين، سلمنا أنها ليست من الخطابات كإجماع أو قياس يحصل فى ذلك الزمان فدليل حجيتها من الخطابات، والتقدير أنها لا تتناول العدومين فكيف يحتج بها، قلنا يجوز أن يثبت ذلك بإجماع أو تنصيص على ثبوت الحكم أو حجية

الصفحة 686