كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 2)

قال: (مسألة: مثل: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣]، لا يقتضى أخذ الصدقة من كل نوع من المال خلافًا للأكثر، لنا أنه بصدقة واحدة يصدق أنه أخذ منها صدقة فيلزم الامتثال، وأيضًا فإن كل دينار مال ولا يجب ذلك بالإجماع، قالوا: المعنى من كل مال فيجب العموم، قلنا: كل للتفصيل ولذلك فرق بين: للرجال عندى درهم، وبين لكل رجل عندى درهم، باتفاق).
أقول: مثل قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣]، لا يقتضى أخذ الصدقة من كل نوع من أنواع أموالهم بل يكفى أخذ صدقة واحدة من جملة الأموال، والأكثر على خلافه، لنا أنه إذا أخذ من جملة أموالهم صدقة واحدة صدق أنه أخذ من أموالهم، صدقة وإذا صدق ذلك فقد امتثل، ولنا أيضًا الإجماع، على أن كل دينار وكل درهم مال ولا يجب أخذ الصدقة منه إجماعًا فلا يجب من كل مال وإذا لم يجب لم يجب من كل نوع إذ لا مقتضى له إلا فهم العموم من الخطاب، وقد يجاب عن الأول بمنع صدق {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣]، على ظاهره إذ معناه بقضية العموم خذ من كل مال صدقة، وعن الثانى أنه ظاهر فى العموم وعارضه الإجماع فى بعض متناولاته فخصه منها فبقى فيما عداه حجة، قالوا: أموالهم للعموم لأنه جمع حجة مضاف كما مر فيكون المعنى خذ من كل واحد من أموالهم صدقة إذ معنى العموم ذلك وهو المطلوب.
الجواب: منع أن معنى العموم ذلك، فإن كل وضع لاستغراف كل واحد واحد مفصلًا وهو أمر زائد على العموم، ولذلك فرق بين للرجال عندى درهم، وبين لكل رجل عندى درهم حتى يلزم فى الأول درهم واحد، وفى الثانى دراهم بعدة الرجال.

قوله: (صدق أنه أخذ من أموالهم صدقة) هذا عين النزاع، فإن من زعم أن: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣]، يقتضى أخذ الصدقة من كل نوع لا يسلم ذلك ويدعى أنه لا يصدق إلا بأخذ الصدقة من كل نوع وذلك أيضًا بواسطة العرف والإجماع على أنه لا يجب الأخذ من كل فرد يصدق عليه أنه مال حتى الدينار والدرهم والدانق وما دون ذلك وإلا فقضية العموم بحكم اللغة يقتضى ذلك فقوله فى الدليل الثانى: وإذا لم يجب من كل دينار وكل درهم لم يجب من

الصفحة 690