كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

(الكلام فى الاستصحاب)
قال: (الاستصحاب: الأكثر كالمزنى والصيرفى والغزالى على صحته، وأكثر الحنفية على بطلانه كان نفيًا أصليًا أو حكمًا شرعيًا مثل قول الشافعية فى الخارج الإجماع على أنه قبله متطهر والأصل البقاء حتى يثبت معارض والأصل عدمه، لنا ما تحقق ولم يظن معارض يستلزم ظن البقاء وأيضًا لو لم يكن الظن حاصلًا لكان الشك فى الزوجية ابتداءً كالشك فى بقائها فى التحريم والجواز وهو باطل وقد استصحب الأصل فيهما. قالوا: الحكم بالطهارة ونحوها حكم شرعى والدليل عليه نص أو إجماع أو قياس وأجيب بأن الحكم البقاء ويكفى فيه ذلك ولو سلم فالدليل الاستصحاب قالوا: لو كان الأصل البقاء لكانت بينة النفى أولى وهو باطل بالإجماع وأجيب بأن المثبت يبعد غلطه فيحصل الظن قالوا: لا ظن مع جواز الأقيسة، قلنا الفرض بعد بحث العالم).
أقول: معنى استصحاب الحال أنه الحكم الفلانى قد كان ولم يظن عدمه وكل ما هو كذلك فهو مظنون البقاء وقد اختلف فى صحة الاستدلال به لإفادته ظن البقاء وعدمها لعدم إفادته إياه فأكثر المحققين كالمزنى والصيرفى والغزالى على صحته وأكثر الحنفية على بطلانه فلا يثبت به حكم شرعى ولا فرق عند من يرى صحته بين أن يكون الثابت به نفيًا أصليًا، كما يقال فيما اختلف فى كونه نصابًا لم تكن الزكاة واجبة عليه والأصل بقاؤه أو حكمًا شرعيًا، مثل قول الشافعية فى الخارج من أحد السبيلين أنه كان قبل خروج الخارج متطهرًا والأصل البقاء حتى يثبت معارض والأصل عدمه، لنا ما تحقق وجوده أو عدمه فى حال ولم يظن طرو معارض يزيله فإنه يلزم ظن بقائه هذا أمر ضرورى فلولا حصول هذا الظن لما ساغ للعاقل مراسلة من فارقه ولا الاشتغال بما يستدعى زمانًا من حراثة أو تجارة ولا إرسال الودائع والهدايا من بلد إلى بلد بعيد ولا القراض والديون ولولا الظن لكان ذلك كله سفهًا، وإذا ثبت الظن فهو متبع شرعًا لما مر ولنا أيضًا أنه لو شك فى حصول الزوجية ابتداءً حرم عليه الاستمتاع إجماعًا، ولو ظن دوام الزوجية جاز له الاستمتاع إجماعًا ولا فارق بينهما إلا استصحاب عدم الزوجية فى الأولى

الصفحة 563