كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

لا يتصور فقيه غير مجتهد ولا مجتهد غير فقيه على الإطلاق نعم اشترط فى الفقه التهيؤ للكل وجوز الاجتهاد فى مسألة دون مسألة تحقق مجتهد ليس بفقيه هذا وقد شاع إطلاق الفقيه على من يعلم الفن وإن لم يكن مجتهدًا.
قوله: (وقد علم بذلك ركنا الاجتهاد) معنى مفهوم المجتهد والمجتهد فيه لكن مقصود الآمدى حين اشتغل فى هذا القام ببيان المجتهد والمجتهد فيه بيان ما يشترط ليتحقق الاتصاف بذلك قال المجتهد من اتصف بالاجتهاد وله شرطان:
الأول: معرفة البارى وصفاته وتصديق النبى بمعجزاته وسائر ما يتوقف عليه الإيمان كل ذلك بأدلته الإجمالية وإن لم يقدر على التحقيق والتفصيل على ما هو دأب المتبحرين فى علم الكلام.
الثانى: أن يكون عالمًا بمدارك الأحكام وأقسامها وطرق إثباتها، ووجوه دلالتها وتفاصيل شرائطها ومراتبها وجهات ترجيحها عند تعارضها والتقصى عن الاعتراضات الواردة عليها فيحتاج إلى معرفة حال الرواة وطرق الجرح والتعديل وأقسام النصوص المتعلقة بالأحكام وأنواع العلوم الأدبية من اللغة والصرف والنحو وغير ذلك هذا فى حق المجتهد مطلقًا وأما المجتهد فى مسألة فيكفيه ما يتعلق بها ولا يضره الجهل بما لا بتعلق بها وقال الإمام حجة الإسلام شرط المجتهد أن يكون محيطًا بمدارك الشرع متمكنًا من استفادة الظن منها وأن يكون عدلًا وهذا شرط قبول فتواه لا شرط اجتهاده فى نفسه فلا بد من معرفة الكتاب قدر ما يتعلق بالأحكام بأن يكون عالمًا بمواقعها ويتمكن عند الحاجة من الرجوع إليها ولا بد من معرفة الأحاديث المتعلقة بالأحكام بأن يكون عنده أصل مصحح يجمعها ويعرف موقع كل باب بحيث يتمكن من الرجوع إليها وإن كان على حفظه فهو أحسن وأكمل ولا بد أن تتميز عنده مواقع الإجماع بحيث يعرف أن ما أدى إليه اجتهاده ليس مخالفًا للإجماع بأن يعلم أنه موافق لمذهبه أو واقعة متجردة لا خوض فيها لأهل الإجماع ولا بد أن يكون متمكنًا من الرجوع إلى النفى الأصلى والبراءة الأصلية وأن يعلم أنه لا يغير إلا بنص أو قياس ثم لا بد من معرفة أقسام الأدلة وأشكالها وشرائطها ومعرفة ما يتوقف عليه معرفة الشارع من حدوث العالم وافتقاره إلى صانع موصوف بما يجب متنزه عما يمتنع باعث للأنبياء مصدق إياهم بالمعجزات وهذا فى الحقيقة من لوازم الاجتهاد وتوابعه لا مقدماته وشرائطه ولا بد

الصفحة 580