كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

دليل على التصويب والأصل عدم التصويب فوجب نفيه فإن قيل فكذا نقول فى تصويب كل واحد فيجب نفيه عن كل واحد وذلك مما لم يقل به أحد قلنا دليلنا يقتضى ذلك لولا الإجماع على تصويب واحد غير معين فإن عدم تصويب كل واحد ينافى ذلك ولا يخفى أن إثبات مثل هذا الأصل بمثل هذا الدليل لا يحسن ولنا أيضًا لو كان كل مجتهد مصيبًا لزم اجتماع النقيضين لأنه لو كان كذلك فإذا ظن حكمًا قطع بأنه الحكم فى حقه ولا شك أن استمرار قطعه مشروط ببقاء ظنه للإجماع على أنه لو ظن غيره وجب عليه الرجوع عنه إلى ذلك الغير فيكون عالمًا به ما دام ظانًا له فيكون ظانًا عالمًا بشئ واحد فى زمان واحد فيلزم القطع وعدم القطع وهما نقيضان لا يقال لا نسلم أن شرط القطع بقاء الظن قولك لو ظن غيره وجب عليه الرجوع قلنا نعم، ومن أين يلزم من زوال حكم الظن عند زوال الظن بالشئ إلى الظن بخلاف متعلقه زوال حكمه عن زواله إلى العلم بمتعلقه فإن القطع به أولى بذلك الحكم من ظنه والحال فيه، نحن فيه كذلك فإنه يستمر الظن ريثما يحصل به القطع فإذا حصل القطع زال الظن ضرورة، وحكم القطع هو اتباعه وهو به أجدر من الظن لأنا نقول أولًا إنا نقطع ببقاء الظن وعدم جزم مزيل له فإنكاره بهت ومكابرة، وثانيًا لو كان الظن موجبًا للعلم لامتنع ظن النقيض مع تذكره إذ يستحيل ظن نقيض ما علم بموجب مع تذكر ذلك الموجب لوجوب دوام العلم بدوام ملاحظة موجبه إذ الغرض أنه موجب نعم قد يزول عند الذهول عن الموجب وكونه موجبًا وذلك بخلاف ما عنه الظن فإنه قد ينتفى الظن مع تذكره لأنه ليس موجبًا كالغيم الرطب للمطر فإن قيل ما ذكرتم مشترك الإلزام لأن لزوم النقيضين وارد على المذهبين فيكون مردودًا إذ يعلم به أن منشأ الفساد ليس خصوصية أحد الذهبين ولأن لكم جوابًا تذبون به عن مذهبكم فهو جوابنا وإن لم نعلمه بعينه أو نقول لو صح هذا لبطل المذهبان وهو خلاف الإجماع بيان أنه مشترك الإلزام أن الإجماع منعقد على وجوب اتباع الظن فإذا ظن الوجوب وجب الفعل قطعًا وإذا ظن الحرمة حرم الفعل قطعًا ثم شرط القطع بقاء الظن بما ذكرتم فيلزم الظن والقطع معًا ويجتمع النقيضان قلنا إنما يلزم ذلك لو كان متعلق القطع والظن شيئًا واحدًا وليس كذلك لأن الظن متعلق بأنه الحكم المطلوب والقطع متعلق بتحريم مخالفته لأنه مظنون فاختلف المتعلقان فإن قيل فيلزمكم امتناع ظن

الصفحة 597