كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

النقيض مع تذكر طريق العلم كما تقدم قلنا لا يرد لأن العلم متعلق بأن المظنون ما دام مظنونًا يجب العمل به فإذا زال الظن فقد زال شرط العمل به فقد انتفى العلم بوجوب العمل به فى زمان زوال الظن وذلك كان حاصلًا قبل زوال الظن والعلم بوجوب العمل به عند بقائه باق مستمر فإن قيل فهذا الجواب بعينه يجرى فى دليلكم إذ يقال لا نسلم اتحاد متعلق الظن والعلم فإن الظن متعلق بكون الدليل دليلًا والعلم متعلق بثبوت مدلوله ما دام دليلًا فإذا تبدل الظن زال شرط ثبوت الحكم وهو ظن الدلالة قلنا هذا لا يدفع اجتماع النقيضين فإن كونه دليلًا أيضًا حكم فإذا ظنه فقد علمه إذ لو لم يعلمه لجاز أن يكون المتعبد به غيره أى الذى يجب العمل به غير ذلك الدليل فلا يحصل له الجزم بوجوب العمل بظنه فقد أخطأ فى اعتقاد أنه دليل فهذا حكم قد أخطأ فيه المجتهد فلا يكون كل مجتهد مصيبًا فحينئذٍ يجتمع فى كونه دليلًا الظن والعلم ويتم الإلزام ولنا أيضًا أن الصحابة أطلقوا الخطأ فى الاجتهاد كثيرًا وشاع وتكرر من غير نكير فكان إجماعًا منه ما روى عن على وزيد وغيره من تخطئة ابن عباس فى ترك العول وهو خطأهم حتى قال من باهلنى باهلته إن اللَّه لم يجعل فى مال واحد نصفًا ونصفًا وثلثًا وذلك كثير قال أبو بكر أقول فى الكلالة برأيى فإن كان صوابًا فمن اللَّه وإن يكن خطأ فمنى ومن الشيطان، وقال عمر: إن عمر لا يدرى أنه أصاب الحق لكنه لم يأل جهدًا وعن على فى قضية المجهضة إن كان قد اجتهد فقد أخطأ وإن لم يجتهد فقد غشك.

قوله: (لا حكم للَّه معينًا فيها) إن أراد قبل الاجتهاد وهو الظاهر فلا حاجة إلى قيد التعيين لأنه لا حكم أصلًا ضرورة أن الحكم ما أدى إليه الاجتهاد وإن أراد بعد الاجتهاد فلله بالنسبة إلى كل مجتهد حكم معين قلنا المراد الأول وقَيَّد التعيين إشارة إلى قدم الخطاب بمعنى أن للَّه تعالى فيها خطابًا لكنه إنما يتعين وجوبًا أو حرمة أو غيرهما بحسب ظن المجتهد فالتابع لظن المجتهد هو الخطاب المتعلق لا نفس الخطاب وأما عند من يجعل الخطاب حادثًا فقبل الاجتهاد لا حكم أصلًا ويمكن أن يقال المراد أن حكم اللَّه قبل اجتهاد المجتهد ليس واحدًا معينًا بل له أحكام مختلفة بالنسبة إلى المجتهدين يظهر بالاجتهاد ما هو حكم بالنسبة إلى كل

الصفحة 598