كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

منهم ذهب شرذمة من المصوبة إلى أن للَّه فى الواقعة حكمًا واحدًا يتوجه إليه الطلب إذ لا بد للطالب من مطلوب لكن لم يكلف المجتهد إصابته فلذلك كان مصيبًا وإن لم يصبه إذ المعنى بالمصيب أنه أدى ما كلف به كذا ذكره الغزالى ولا يخفى أن هذا بعينه مذهب القائلين بتخطئة البعض وإن سمى المخطئ مصيبًا بمعنى أنه أدى ما كلف به.
قوله: (دليله قطعى والمخطئ آثم) ههنا مذهب آخر لم يتعرض له وهو أن الدليل قطعى والمخطئ غير آثم بل معذورًا لخفاء الدليل وغموضه وكذا القائلون بكون الدليل ظنيًا فرقتان منهم من قال لم يكلف المجتهد إصابته لخفائه وغموضه فلذا كان معذورًا بل مأجورًا وقال قوم أمر بطلبه وإذا أخطأ لم يكن مأجورًا لكن حط الإثم عنه تخفيفًا.
قوله: (والأصل عدم التصويب) بناء على أنهم قبل الاجتهاد لم يصيبوا الحكم فيستمر عدم الإصابة حتى يظهر دليل وجودها لا بناء على أن الأصل فى كل حادث هو العدم لأنه معارض بأن التخطئة أيضًا حادث.
قوله: (ولا يخفى) يعنى أن الاستدلال بأنه لا دليل على الثبوت فيجب نفيه من أضعف طرق الاستدلال ومسألة تصويب الكل أو تخطئة البعض من معظم مباحث الأصول ومعارك آراء الفرق فلا يحسن إثباته به.
قوله: (ولنا أيضًا) توضيح الدليل أنه لو كان كل مجتهد مصيبًا فإن أدى اجتهاد المجتهد إلى حرمة النبيذ حصل له الجزم بأن الحكم فى حقه الحرمة وهذا الجزم مشروط ببقاء ظن الحرمة إذ لو تغير إلى ظن الإباحة لزم الرجوع إلى القطع بأن الحكم فى حقه الإباحة وإذا كان الظن باقيًا كان المجتهد قاطعًا بحرمته عليه غير قاطع وهو محال وتوضيح السؤال أنا سلمنا أنه إذا زال ظن الحرمة إلى ظن الإباحة لزم زوال حكم ظن الحرمة وهو وجوب اتباعه لكن لا نسلم أنه إذا زال ظن الحرمة إلى العلم بالحرمة لزم زوال حكم ظن الحرمة بل صار حكمه أوكد وأثبت لأن العلم بالحرمة أولى بالاتباع من الظن بها وهذا معنى قوله وهو أجدر أى القطع بالاتباع من الظن وحينئذٍ لا يتم ما ذكرتم أن استمرار القطع مشروط ببقاء الظن وأنه إذا زال القطع وتوضيح الجواب أولًا أنا نقتصر من الاستدلال على بقاء ظن الحرمة عند القطع بأنها الحكم فى حقه على ادعاء ضرورة وأنه لم يحصل

الصفحة 599