كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

قال: (المصوبة قالوا: لو كان المصيب واحدًا لوجب النقيضان وإن كان المطلوب باقيًا أو وجب الخطأ إن سقط الحكم المطلوب وأجيب بثبوت الثانى بدليل أنه لو كان فيها نص أو إجماع ولم يطلع عليه بعد الاجتهاد وجب مخالفته وهو خطأ فهذا أجدر، قالوا: قال: "بأيهم اقتديتم اهتدتم" ولو كان أحدهما مخطئًا لم يكن هدى، وأجيب بأنه هدى لأنه فعل ما يجب عليه من مجتهد أو مقلد).
أقول: للقائلين بأن كل مجتهد مصيب دليلان، قالوا: أولًا: لو كان المصيب واحدًا والمخطئ يجب عليه العمل بموجب ظنه فإما أن نوجبه عليه مع القول ببقاء الحكم الذى هو فى نفس الأمر فى حقه أو مع زواله، والأول يستلزم ثبوت الحكم الأول والثانى فى حقه وهما نقيضان، والثانى يستلزم أن يكون العمل بالحكم الخطأ واجبًا وبالصواب حرامًا، وأنه محال.
الجواب: أن نختار الثانى وهو زوال الحكم الأول قولك أنه محال ممنوع ومما يدل على أنه ليس بمحال وقوعه فيما إذا كان فى المسألة نص أو إجماع ولم يطلع عليه بعد الاجتهاد فإنه يجب عليه مخالفته للواقع مع الاتفاق على أنه خطأ فهذا مع الاختلاف أجدر.
قالوا: ثانيًا: قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" ولو كان بعضهم مخطئًا فى اجتهاده لم يكن فى متابعته هدى فإن العمل بغير حكم اللَّه ضلال.
الجواب: أن كونه ضلالًا من وجه لا يمنع كونه هدى من وجه آخر، وهذا هدى لأنه قد فعل ما بجب عليه سواء كان مجتهدًا أو مقلدًا، فإنه يجب العمل بالاجتهاد للمجتهد ولمقلده.

قوله: (مع الاتفاق على أنه خطأ) لأن الخلاف انما هو فى الأحكام الاجتهادية التى لا قاطع فيها وأما الحكم الثابت بالدليل القطعى فهو الحكم فى حق الكل بلا خلاف وإن لم يبلغ المجتهد دليله.

الصفحة 606