كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)
قال: (مسألة: تقابل الدليلين العقليين محال لاستلزامهما النقيضين وأما تقابل الأمارات الظنية وتعادلها فالجمهور جائز خلافًا لأحمد والكرخى لنا لو امتنع لكان لدليل والأصل عدمه، قالوا: لو تعادلا فإما أن يعمل بهما أو بأحدهما معينًا أو مخيرًا أو لا والأول باطل والثانى تحكم، والثالث حرام لزيد حلال لعمرو من مجتهد واحد والرابع كذب لأنه يقول لا حرام ولا حلال وهو أحدهما وأجيب يعمل بهما فى أنهما وقفا فيقف أو بأحدهما مخيرًا أو لا يعمل بهما ولا تناقض إلا من اعتقاد نفى الأمرين لا فى ترك العمل).
أقول: الدليل ما يرتبط به ثبوت مدلوله ارتباطًا عقليًا والأمارة ما يحصل به الظن ولا يرتبط ارتباطًا عقليًا كما علمت فأما الدليلان فتقابلهما وتعارضهما محال قطعًا وباتفاق العقلاء وإلا لزم حقيقة مقتضاهما فيلزم وقوع المتنافيين ولا يتصور فيهما ترجيح لأنه فرع تفاوت فى احتمال النقيض ولا يتصور فى القطعى، وأما الأمارات الظنية فتقابلهما وتعادلهما أى تساويهما من غير ترجيح هل يجوز الجمهور على أنه جائز ومنعه أحمد والكرخى لنا لو امتنع لكان امتناعه لدليل والتالى باطل إذ الأصل عدم الدليل. قالوا: لو تعادل أمارتان فإما أن يعمل بهما أو بأحدهما معينًا أو مخيرًا أو لا يعمل بهما والكل باطل.
أما الأول: وهو العمل بهما فظاهر للزوم اجتماع التحليل والتحريم وهو تناقض.
وأما الثانى: وهو العمل بأحدهما معينًا فلأنه مع تساويهما تحكم وهو باطل.
وأما الثالث: وهو العمل بأحدهما مخيرًا فلأنه حينئذٍ يجوز أن يفتى زيد بالحل ولعمرو بالحرمة، فيكون الفعل الواحد حلالًا لزيد حرامًا لعمرو من مجتهد واحد وأنه محال.
وأما الرابع: وهو عدم العمل بهما فلأنه قول بأنه ليس حلالًا ولا حرامًا مع أنه إما حلال وإما حرامًا ضرورة أن لا مخرج عنهما فيكون كاذبًا.
الجواب: أولًا: نختار الأول وهو أن يعمل بهما قولك يلزم اجتماع النقيضين قلنا إنما يلزم أن لو اقتضى كل عند الاجتماع العمل بمقتضاه عند الانفراد وليس كذلك بل مقتضاهما عند الاجتماع الوقف ولا تناقض فيه.
وثانيًا: أنا نختار العمل بأحدهما مخيرًا ونمنع استحالة الحل لزيد والحرمة لعمرو
الصفحة 607
686