كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)
من مجتهد واحد فإنه ليس ضروريًا ولم يقم عليه دليل.
وثالثًا: أنا نختار الرابع وهو أنه لا يعمل بهما كما لو لم يكن دليل ولا تناقض فى عدم العمل بهما ولا كذب إنما التناقض فى اعتقاد نفى الأمرين لا فى ترك العمل بهما فله بعد الدليلين أن يعتقد وقوع أحدهما وأنه لا يعلمه بعينه كما كان قبل قيام الدليلين فما أوجبه الدليل ليس بمحال والمحال لم ينشأ من الدليل ولم يستلزمه الدليل.
قوله: (الدليل ما يرتبط به ثبوت مدلوله) الدليل بهذا التفسير لا يكون إلا قطعيًا ولا تقابل بين القطعيين عقليين كانا أو نقليين فلا وجه للتقييد بالعقلى إلا من جهة أن القطعيين قد يتقابلان بأن يكون أحدهما ناسخًا للآخر وأما وصف الأمارة بالظنية فلقصد التوكيد والتوضيح وقوله كما علمت إشارة إلى ما سبق من أنه ليس بين الظن وبين أمر ربط عقلى لزواله مع بقاء موجبه كالغيم الرطب للمطر وقوله وتعادلهما أى تساويهما إشارة إلى أن لا خلاف فى مجرد التقابل بأن تقتضى إحداهما ظن ثبوت الشئ والأخرى ظن انتفائه لجواز رجحان إحداهما فيعمل بها.
قوله: (وهو تناقض) لأن معنى اجتماع التحليل والتحريم أن هذا حلال وليس بحلال.
قوله: (ولا تناقض فيه) أى فى الوقف لعدم الحكم بالثبوت أو الانتفاء.
قوله: (ولا تناقض فى عدم العمل بهما ولا كذب) إن قيل المستدل إنما ادعى فيه الكذب لا التناقض فلا وجه لنفيه قلنا فيه إشارة إلى أن كذب قولنا ليس بحلال ولا حرام بل كذب مطلق ارتفاع النقيضين مبنى على التناقض لأن نفى كل من النقيضين فى قوة إثبات الآخر كأنه قيل حلال وليس بحلال، حرام وليس بحرام، ولذا قال إنما التناقض فى نفى اعتقاد نفى الأمرين يعنى الحل والحرمة لأن معناه الحكم بأنه ليس بحلال أى هو حرام وليس بحرام أى هو حلال، والحاصل أن المستدل ادعى لزوم التناقض على التقدير الأول باعتبار جمع النقيضين وعلى الرابع باعتبار رفعهما والمجيب منع اللزوم بناء على أن العمل بالمتعارضين اجتماعهما هو الوقت عن الحكم لأن الحكم بثبوت النقيضين وعدم العمل بهما هو عدم الحكم
الصفحة 608
686