كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

قال: (مسألة: لا يستقيم لمجتهد قولان متناقضان فى وقت واحد بخلاف وقتين أو شخصين على القول بالتخيير فإن ترتبا فالظاهر رجوع وكذلك المتناظرتان ولم يظهر فرق فقول الشافعى فى سبع عشرة مسألة فيها قولان إما للعلماء وإما فيها ما يقتضى للعلماء قولين لتعادل الدليلين عنده، وإما لى قولان على التخيير عند التعادل وإما ما تقدَّم لى فيها قولان)
أقول: لا يجوز أن يكون لمجتهد فى مسألة قولان متناقضان فى وقت واحد بالنسبة إلى شخص واحد لأن دليلهما إن تعادلا توقف، وإن ترجح أحدهما فهو قوله ويتعين وأما فى وقتين فجائز لجواز تغير الاجتهاد وأما فى وقت واحد بالنسبة إلى شخصين فيجوز على القول بالتخيير عند تعادل الأمارتين ولا يجوز على القول بالوقف فإذا كان لمجتهد قولان مرتبان أى فى وقت بعد وقت فالظاهر أن الأخير رجوع عن الأول أوجبه تغير اجتهاده، وكذلك إذا كان القولان فى مسألتين متناظرتين إذا لم يظهر بينهما فرق وإن ظهر فرق حمل عليه ولم ينقل الحكم منها إلى نظيرها، مثاله إذا قال فى اشتباه طعامين أحدهما متنجس يجتهد وفى ثوبين لا يجتهد ولا فارق بينهما فيحمل على الرجوع أما لو قال فى ماء وبول لا يجتهد فالفارق ظاهر، وهو كون البول نجس الأصل لم نحمله عليه وقلنا حكمه فيما له أصل فى الطهارة الاجتهاد وفى خلافه خلاف وإذا تقرر هذا فقد قال الشافعى فى سبع عشرة مسألة فيها قولان، وقد علمت أنه لا يجوز أن يكونا قولين له فيحمل على أحد وجوه:
الأول: للعلماء فيه قولان فقال بعضهم بهذا وبعضهم بذاك، فيحكى قولهم.
الثانى: يحتمل قولين فإن فيهما ما يقتضى أن يكون للعلماء فيه قولان وذلك لتعادل الدليلين عنده.
الثالث: لى فيها قولان، وذلك على القول بالتخيير عند تعادل الدليلين.
الرابع: تقدَّم لى فيها قولان فيحكى قوليه.

قوله: (لا يستقيم لمجتهد) قيد بذلك لأنه كثيرًا ما تتناقض أقوال المجتهدين وأما التقييد بمسألة فاتفاقى إذ لا تناقض عند تعدد المسائل وكذا التقييد بشخص واحد لأنه لا ينافى فى الحل لزيد وفى عدم الحل لعمرو على ما سبق من أنه يجوز

الصفحة 610