كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)
لمجتهد أن يفتى بالحل لزيد والحرمة لعمرو عند تعادل الأمارتين وأما التقييد بوقت واحد فلا بد منه للقطع بجواز تغير الاجتهادين بأن يفتى اليوم بالحل لزيد وغدًا بالحرمة له فإن قيل أليس من شرط التناقض اتحاد الزمان قلنا ذاك زمان نسبة القضيتين وهذا وقت القول والتكلم بالقضيتين مثلًا لو قلنا اليوم هذا حلال دائمًا أبدًا وغدًا هذا ليس بحلال كان تناقضًا فليتأمل فإن هذا مما يقع فيه الغلط ثم المعتبر فى اتحاد الوقت وتعدده هو العرف وإلا فزمان التكلم بالإيجاب غير زمان التكلم بالسلب فلا يتصور قولان فى وقت واحد اللهم إلا أن يصرح بأن فيه قولين، فإن قيل فما معنى جواز المتناقضين فى وقتين لا فى وقت قلنا معناه أن مثل ذلك فى وقت يعد لغوًا باطلًا من الكلام لا مجرد خطأ فى الاجتهاد بخلافه فى وقتين.
قوله: (فى مسألتين متناظرتين) يعنى إذا كان إحدى المسألتين نظير الأخرى وحكم فى أحدهما بالثبوت وفى الأخرى بالانتفاء مع عدم ظهور الفرق لم يصح ذلك إلا فى وقتين وكان القول الثانى رجوعًا عن الأول كما إذا اشتبه طعام طاهر بطعام متنجس فجوز الاجتهاد فى أخذ أحدهما ولم يجوز ذلك فيما إذا اشتبه ثوب طاهر بثوب نجس بخلاف ما إذا ظهر الفرق كما لو لم يجوز الاجتهاد عند اشتباه ماء ببول ونحو ذلك فما ليس الأصل فى كليهما، هو الطهارة فإنه لا يكون رجوعًا فقوله لم نحمله أى القول فى المسألة الثانية عليه أى على الرجوع عن القول فى المسألة الأولى، وقلنا حكمه أى المجتهد فيما له أصل فى الطهارة كالماء والطعام أن يجتهد من يشتبه عليه الأمر وفى خلافه أى فيما ليس له أصل فى الطهارة كالبول خلافه أى خلاف الحكم الأول وهو أن لا يجتهد بل يجتنبهما جميعًا.
الصفحة 611
686