كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

قال: (مسألة: لا ينقض الحكم فى الاجتهاديات منه ولا من غيره لاتفاق للتسلسل فتفوت مصلحة نصب الحاكم وينقض إذا خالف قاطعًا ولو حكم على خلاف اجتهاده كان باطلًا وإن قلد غيره اتفاقًا فلو تزوج امرأة بغير ولى ثم تغير اجتهاده فالمختار التحريم وقيل إن لم يتصل به حكم وكذلك المقلد يتغير اجتهاد مقلده فلو حكم مقلد بخلاف إمامه جرى على جواز تقليد غيره).
أقول: لا يجوز للمجتهد نقض الحكم فى السائل الاجتهادية لا حكم نفسه إذا تغير اجتهاده ولا حكم غيره إذا خالف اجتهاده اجتهاده بالاتفاق لأنه يؤدى إلى نقض النقض من مجتهد آخر يخالفه ويتسلسل ويفوت مصلحة نصب الحاكم وهو فصل الخصومات، هذا ما لم يكن مخالفًا لقاطع وإذا خالف قاطعًا نقضه اتفاقًا ولو حكم مجتهد بخلاف اجتهاده كان حكمه باطلًا وإن قلد فيه مجتهدًا آخر وذلك لأنه يجب عليه العمل بظنه ولا يجوز له التقليد مع اجتهاده إجماعًا إنما النزاع عند عدم الاجتهاد.
(فرع) لو تزوج امرأة بغير ولى عند ظنه صحته ثم تغير اجتهاده فرآه غير جائز فقد اختلف فيه والمختار تحريمه مطلقًا لأنه مستديم لما يعتقده حرامًا وقيل إنما يحرم إذا لم يتصل به حكم حاكم فإذا اتصل به لم يحرم وإلا لزم نقض الحكم بالاجتهاد فإن تعاطاه مقلد ثم علم تغير اجتهاد مقلده فالمختار أنه كذلك كما لو تغير اجتهاد المجتهد فى أثناء صلاته بالنسبة إليه وإلى مقلده فإن حكم مقلد بخلاف مذهب إمامه فمبنى على جواز تقليد غير إمامه وسيجئ.

قوله: (فى المسائل الاجتهادية) يعنى الأحكام الشرعية التى أدلتها ظنية.
قوله: (ويتسلسل) إذ يجوز بعض الحكم الذى هو النقض هكذا لا إلى نهاية.
قوله: (وإذا خالف قاطعًا) يعنى نصًا قطعيًا أو إجماعًا أو قياسًا جليًا.
قوله: (إنما النزاع) فى أنه هل يجوز للَّه للمجتهد أن يقلد مجتهدًا آخر فى المسألة عند عدم اجتهاده فيها فيحكم أو ينفى أو يعمل على وفق اجتهاد مجتهد آخر من غير أن يجتهد بنفسه.
قوله: (لأنه مستديم) أى لو لم يحكم بتحريمه كان ذلك المجتهد مستديمًا لما يعتقد تحريمه وهو باطل.

الصفحة 612