كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

وجوب العمل بقوله والجواب أن أحدهما فى قوة الآخر.
قوله: (وكانوا) أى الصحابة يعلمون من العوام أنهم عامون بالدليل الجملى واعلم أن من الشبه المذكورة فى المتن هو أن وجوب النظر دور عقلى ولا تعرض له فى الشرح وتقريره أنه لو وجب النظر فإما على العارف وهو تحصيل للحاصل أو على غيره وهو دور عقلى أى دور تقدم لا دور معية لتوقف معرفة إيجاب اللَّه النظر على معرفة ذاته ومعرفة ذاته على النظر المتوقف على إيجابه والجواب أن الوجوب الشرعى غير متوقف على النظر كذا ذكره الآمدى والأحسن أن يقال معرفة إيجابه متوقفة على معرفة ذاته باعتبار ما والتوقف على النظر هو معرفة ذاته بوجه أتم على ما هو المتعارف من الاتصاف بصفة الكمال والتنزه عن النقيصة والزوال ولو سلم فالنظر لا يتوقف على إيجابه لجواز أن ينظر وإن لم يجب وبالجملة فقد تقدَّم ذلك فى مسألة الحسن والقبح.
قوله: (ولوجوب الاحتراز) عطف على احتياطًا وقوله على المقلد بفتح اللام أى الإِمام الذى يقلده المقلد وقوله لأنه أى لأن نظر ذلك الإمام مظنتهما أى مظنة الوقوع فى الشبه والضلال فتقليد المقلد إياه فيما يحتمل الضلال والوقوع فى الشبه أولى بأن يحرم لأن فيه ما فى الأول مع زيادة احتمال كذب الإمام فإضلاله مقلده فإن نظر الإمام فقد ذكرتم أن النظر ممتنع حرام لكونه مظنة الشبهة والضلال وإن قلد غيره ينقل الكلام إليه ويتسلسل فإن قيل ينتهى إلى الوحى أو الإلهام، أو نظر المؤيد من عند اللَّه بحيث لا يقع فيه الخطأ قلنا اتباع صاحب الوحى ليس تقليدًا بل علمًا نظريًا وكذا الإلهام ونظر التأييد فلا يصح أن التقليد واجب والنظر حرام مطلقًا ثم لا يخفى على المتأمل أن قوله فيحرم النظر على المقلد أو يتسلسل ليس على ما ينبغى والصواب ويتسلسل بالواو.

الصفحة 633