كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

قال: (مسألة: غير المجتهد يلزمه التقليد وإن كان عالمًا وقيل بشرط أن يتبين له صحة اجتهاده بدليله. لنا: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]، وهو عام فيمن لا يعلم وأيضًا لم يزل المستفتون يتبعون من غير إبداء المستند لهم من غير نكير قالوا: يؤدى إلى وجوب اتباع الخطأ، قلنا: وكذلك لو أبدى مستنده وكذلك المفتى نفسه).
أقول: من لم يبلغ درجة الاجتهاد بلزمه التقليد سواء كان عاميًا أو عالمًا بطرف صالح من علوم الاجتهاد، وقيل إنما يلزم العالم التقليد بشرط أن يتبين له صحة اجتهاد المجتهد بدليله، لنا قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]، وهو عام فى جميع من لا يعلم العلم، فإن علة الأمر بالسؤال هو الجهل، والأمر المقيد بالعلة يتكرر بتكررها، فنقول وهذا غير عالم بهذه المسألة فيجب عليه فيها السؤال، ولنا أيضًا لم تزل العلماء يستفتون فيفتون ويتبعون من غير إبداء المستند وشاع وذاع ولم ينكر عليهم فكان إجماعًا، قالوا: القول بذلك يؤدى إلى وجوب اتباع الخطأ لجوازه.
الجواب: أنه مشترك الإلزام لأنه لو أبدى مستنده فالخطأ جائز، وكذلك المفتى نفسه يجب عليه اتباع اجتهاده مع جواز الخطأ والحل أن اتباع الظن واجب لأنه اتباع الظن وإن كان خطأ وإنما الممتنع اتباع الخطأ لأنه خطأ كما ينبئ عنه ترتيب الحكم على الوصف فى قولك: يجب اتباع الخطأ.

قوله: (يلزمه التقليد) يريد ما هو المتعارف من تسمية أخذ العامى بقول المجتهد تقليدًا وإن قامت الحجة على وجوب اتباعه إياه وإلا فقد سبق فى تعريف التقليد أن مثله ليس بتقليد.
قوله: (والأمر المقيد) فإن قيل ليس له كثير دخل فى التقرير فإن المقصود عموم الأفراد وهذا إنما يفيد عموم المرات قلنا الاحتياج بالآية يتوقف على عمومها فيمن لا يعلم وفيما لا يعلم والأول معلوم من عموم خطابات الشارع على ما سبق وإنما الخفاء فى الثانى وقد بينه الشارحون بأنه لو تناول بعض ما لا يعلم فإما بعينه فهو باطل لعدم الدلالة أو لا بعينه ويلزم منه تخصيص طلب فائدة والأمر بالسؤال ببعض الصور دون البعض وهو خلاف الأول ولما لاح عليه أثر الضعف بينه

الصفحة 634