كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

قال: (مسألة: الاتفاق على استفتاء من عرف بالعلم والعدالة أو رآه منتصبًا والناس مستفتون معظمون له وعلى امتناعه فى ضده، والمختار امتناعه فى المجهول، لنا أن الأصل عدم العلم وأيضًا الأكثر الجهال، والظاهر أنه من الغالب كالشاهد والراوى، قالوا: لو امتنع لذلك لامتنع فيمن علم سلمه دون عدالته، قلنا ممنوع ولو سلم فالفرق أن الغالب فى المجتهدين العدالة بخلاف الاجتهاد).
أقول: المستفتى إما أن يظن بالمفتى علمه وعدالته أو عدم علمه وعدالته أو يجهل حاله فيهما أما من ظن علمه وعدالته إما بالخبرة وإما بأن رآه منتصبًا للفتوى والناس متفقون على سؤاله وتعظيمه فيستفتيه بالاتفاق وأما من ظن عدم علمه أو عدم عدالته أو كليهما فلا يستفتيه اتفاقًا بقى المجهول، فإن كان مجهول العلم والجهل، وهو المجهول الذى فيه الكلام فالمختار امتناع استفتائه وإن كان معلوم العلم، مجهول العدالة فستعرف حاله فى الجواب والسؤال. لنا العلم شرط والأصل عدمه فلحق بغير العالم كالشاهد المجهول عدالته والراوى المجهول عدالته.
قالوا: لو امتنع فيمن جهل عليه بدليلكم لامتنع فيمن علم علمه وجهل عدالته بدليلكم بعينه لجريانه فيه واللازم منتفٍ.
الجواب: التزام الامتناع فيمن علم علمه وجهل عدالته لاحتمال الكذب ولو سلم فالفرق أن الغالب فى المجتهدين العدالة وليس الغالب فى العلماء الاجتهاد بل هو أقل القليل.

قوله: (إما بالخبرة وإما بأن رآه منتصبًا) إشارة إلى أن ما فى المتن أولى مما ذكر فى المنتهى حيث قال يجوز استفتاء من عرفه بالعلم والعدالة بأن رآه منتصبًا وقوله وأما من ظن يشير إلى أن ضد من عرف علمه وعدالته من ظن عدم أحدهما أو كليهما لا مجرد من لم يعرف عليه وعدالته فإنه نقيضه ويتناول المجهول أيضًا.
قوله: (لنا العلم شرط) الوجه الأول إلحاق للمجهول بما هو الأصل والثانى إلحاق له بالغالب كالشاهد والراوى المجهول العدالة لا يقبل لأن الأصل عدم العدالة ولأن الأكثر فسقه.
قوله: (لجريانه) أى دليلكم فيه أى فيمن علم علمه وجهل عدالته بأن يقال

الصفحة 636