كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

(الترجيح)
قال: (الترجيح اقتران الأمارة بما تقوى به على معارضها فيجب تقديمها للقطع عنهم بذلك وأورد شهادة أربعة مع اثنين، وأجيب بالتزامه أو بالفرق).
أقول: هذا آخر الأقسام الأربعة وهو الترجيح، وأنه فى اللغة: جعل الشئ راجحًا ويقال مجازًا لاعتقاد الرجحان، وفى الاصطلاح: اقتران الأمارة بما تقوى به على معارضها, وللفقهاء ترجيح خاص يحتاج إليه فى استنباط الأحكام وذلك لا يتصور فيما ليس فيه دلالة على الحكم أصلًا، ولا فيما دلالته عليه قطعية لما سيأتى أن لا تعارض بين قطعيين ولا بين قطعى وظنى فتعين أن يكون لأمارة على أخرى ولا يحصل تحكمًا محضًا بل لا بد من اقتران أمر بما به تقوى على معارضها فهذا الاقتران الذى هو سبب الترجيح هو المسمى بالترجيح فى مصطلح القوم لا جرم عرفه بأنه اقتران الأمارة بما به تقوى على معارضها وإذا حصل الترجيح وجب العمل بها وهو تقويم أقوى الأمارتين للقطع عنهم بذلك أى فهم ذلك من الصحابة وغيرهم وعلم قطعهم به بتكرره فى الوقائع المختلفة التى لا حاجة إلى تعدادها لكونه معلومًا قطعًا لمن فتش بين مجارى اجتهاداتهم واعترض عليه بشهادة أربعة مع شهادة اثنين إذا تعارضتا فإن الظن الحاصل بالأربعة أقوى من الحاصل باثنين فكان ينبغى أن تقدَّم ولا تقدَّم.
وأجيب بالتزام تقديم شهادة الأربعة عند التعارض فإنه مختلف فيه، وبالفرق بين الشهادة والدليل فليس كل ما يرجح به الأدلة ترجح به الشهادة لما ستقف عليه من وجوه غير محصورة من الترجيح للأدلة لا ترجح بها الشهود.

قوله: (بالفرق) قيل وجه الفرق أن المقصود من الشهادة فصل الخصومات فصبط بنصاب معين فاعتبار الكثرة فيها يفضى إلى نقض الفرض وتطويل الخصومات بخلاف الأمارة فإن المقصود منها الظن بالأحكام فكلما كان الظن أقوى كان بالاعتبار أولى من غير ضرورة إلى اعتبار ضبطه.

الصفحة 645