كتاب شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني (اسم الجزء: 3)

قال: (مسألة: الأكثر أنه لا بد فى التخصيص من بقاء جمع يقرب من مدلوله وقيل يكفى ثلاثة، وقيل اثنان، وقيل واحد والمختار أنه ما بالاستثناء والبدل يجوز إلى واحد وبالمتصل كالصفة يجوز إلى اثنين وبالمنفصل فى المحصور القليل يجوز إلى اثنين مثل قتلت كل زنديق، وقد قتل اثنين وهم ئلاثة وبالمنفصل فى غير المحصور أو العدد الكثير المذهب الأول، لنا أنه لو قال قتلت كل من فى المدينة وقد قتل ثلاثة عدّ لاغيًا وخُطِّئ، وكذلك: أكلت كل رمانة، وكذلك لو قال من دخل أو أكل وفسره بثلاثة القائل باثنين أو ثلاثة ما قيل فى الجمع، ورد بأن الجمع ليس بعام القائل بالواحد أكرم الناس إلا الجهال وأجيب بأنه مخصوص بالاستثناء ونحوه، قالوا: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩]، وليس محل النزاع، قالوا: لو امتنع ذلك لكان لتخصيصه وذلك يمنع الجميع، وأجيب بأن الممتنع تخصيص خاص بما تقدَّم، قالوا: قال اللَّه تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران: ١٧٣]، وأريد نعيم بن مسعود ولم يعدّ مستهجنًا للقرينة، قلنا الناس للمعهود، فلا عموم، قالوا: صح أكلت الخبز وشربت الماء، لأقل، قلنا ذلك للبعض المطابق المعهود والذهنى مثله فى المعهود والوجودى فليس من العموم والخصوص فى شئ).
أقول: قد اختلف فى منتهى التخصيص إلى كم هو فذهب الأكثر إلى أنه لا بد من بقاء جمع يقرب من مدلول العام، وقيل: يجوز إلى ثلاثة، وقيل إلى اثنين، وقيل: إلى واحد، والمختار أنه إن كان التخصيص باستثناء أو بدل جاز إلى واحد نحو عشرة إلا تسعة، واشتريت العشرة أحدها، وإلا فإن كان بمتصل غيرهما كالصفة والشرط جاز إلى اثنين نحو أكرم الناس العلماء، أو إن كانوا علماء.
وإن كان بمنفصل فإن كان فى محصور قليل جاز إلى اثنين كما تقول قتلت: كل زنديق وهم ثلاثة أو أربعة، وإن كان فى غير محصور أو فى عدد كثير فالمذهب الأول وهو أنه لا بد من بقاء جمع يقرب من مدلوله، فلا يقال من دخل دارى فأكرمه ويفسر بزيد وعمرو وبكر، لنا لو قال قتلت كل من فى المدينة ولم يقتل إلا ثلاثة عدَّ لاغيًا ومخطئًا، وكذا لو قال أكلت كل رمانة فى البستان ولم يأكل إلا ثلاثة، وكذلك لو قال كل من دخل دارى فهو حر أو كل من أكل فأكرمه وفسره بثلاثة فقال: أردت زيدًا وعمرًا وبكرًا عدَّ لاغيًا وخطئ، القائل بجواز التخصيص إلى اثنين أو ثلاثة، احتج بما قيل فى الجمع أن أقله ثلاثة أو اثنان كأنه جعله فرعًا

الصفحة 9