كتاب الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم

معجبين بعلمهم وسعة اطلاعهم، ظانين أنهم لا يقولون إِلاَّ الحق، وأنهم - فيما خالفوا فيه الحقائق المقررة عندنا - أصح حُكْماً، وأصوب رأياً، لأنهم يسيرون وفق منهج عِلْمِيٍّ دقيق لا يحيدون عنه.

ومن هنا نشأت الثقة ببحوث هؤلاء الغَرْبِيِّينَ والاعتماد على آرائهم.

ولم يتح لهؤلاء المُثَقَّفِينَ أنْ يرجعوا إلى المصادر الإسلامية التي استقى منها المُسْتَشْرِقُونَ وغيرهم من الباحثين الغَرْبِيِّينَ، إما لصعوبة الرجوع إلى مصادرنا، أو الرغبة في سرعة الإنتاج العِلْمِيِّ، أو لشهوة الإتيان بحقائق مخالفة لما هو سائد في أوساطنا العِلْمِيَّةِ وَاِّلدِينِيَّةِ وغيرها.

وكانت فترة من الزمان طغى علينا هذا الشعور بالنقص والضعف وعدم الثقة بأنفسنا إزاء الباحثين الغَرْبِيِّينَ، وإعظامهم وإكبارهم وعدم سوء الظن بهم، حتى إذا بدأت حركات الوعي السياسي وبدأ استقلالنا السياسي عن سيطرة الغَرْبِيِّينَ، ابتدأ عندنا الشعور بوجوب الاستقلال الفكري، الشعور بشخصيتنا وقيمة حضارتنا وتراثنا، الشعور بالخجل

الصفحة 82