كتاب الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم

هؤلاء الغَرْبِيِّينَ، ولو حصل هذا لخرجت منه صورة لهذه الحضارة ولرجالها مضحكة مخزية ينكرها المُسْتَشْرِقُونَ قبل غيرهم، أترى أحداً ينهض منا لهذا العبء، عبء استعمال المقاييس النقدية عند الغَرْبِيِّينَ، بالأسلوب الذي ذكرناه لإعطاء صورة عنهم وعن عقائدهم وعن حضارتهم ليقرأها المُسْتَشْرِقُونَ بأنفسهم، فيروا كيف عادت هذه الطريقة التي زعموا أنهم يستخدمونها لمعرفة " الحقيقة " في تاريخنا وديننا، وَبَالاً عليهم، لعلهم يخجلون - بعدئذ - من استمرارهم في التحريف والتضليل والهدم!.

وبعد: فإني أعتقد أنه قد انقضى ذلك العهد الذي كنا فيه نعتمد في مصادر معرفتنا بعلومنا وتاريخنا، على هؤلاء الغَرْبِيِّينَ، مع أنهم ليست لهم مصادر إِلاَّ كُتُبُنَا وَمُدَوَّنَاتِنَا، ولئن كنا بها جاهلين من قبل، فلقد آنَ الأوان أَنْ نرفع عن جِبَاهِنَا خِزْيَ الجهالة بمصادرنا، وَعَارِ الاتكال في فهمها على فهم الغرباء عن لغتنا، وَصِحَّةِ الاعتقاد بديننا وعلمائنا ما يريد منا هؤلاء المُسْتَشْرِقُونَ المُتَعَصِّبُونَ أَنْ نعتقده في حق ديننا وعلمائنا من شك وسوء ظن، ولقد آنَ

الصفحة 85