كتاب سيرة الصحابي الجليل مصعب بن عمير - رضي الله عنه -
تفتنوني. فأرادت حبسه , فقال: لئن أنتِ حبستنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي , قالت: فاذهب لشأنك , وجعلت تبكي , فقال مصعب - رضي الله عنه -: يا أماه إني لكِ ناصحٌ عليك شفيقٌ , فاشهدي أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله , قالت: والثوَاقِب (¬1) لا أدخل في دينك فيُزرى برأيي , ويضعَّفَ عقلي , ولكني أدعُكَ وما أنت عليه , وأُقيمُ على ديني (¬2).
وفي هذا يظهر حرص مصعب - رضي الله عنه - على هداية أمه ودعوتها للإسلام بأسلوب كله شفقة ورحمة , ولكن الهداية بيد لله حيث يقول -جل وعلا-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)} (¬3) , وإن دعوة الإنسان والديه للإسلام من أعظم البر الذي يقدم لهما.
كما يظهر ثبات مصعب - رضي الله عنه - على دينه وعدم تنازله عنه رغم التهديدات والصعوبات التي واجهته.
¬_________
(¬1) الثواقب: الشهب المضيئة. الرازي: مختار الصحاح , ص49.
(¬2) ابن سعد: الطبقات الكبرى , 3/ 88 .. ... أحمد بن يحيى البلاذري: جمل من أنساب الأشراف , 9/ 407 - 408. ... ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الأمم والملوك , 3/ 194.
(¬3) سورة القصص: آية (56).