كتاب السنة المفترى عليها

ورواية اليعقوبي «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» هي بذاتها ما روتها كتب السنة المعتمدة عن أهل السنة والجماعة وهي لا تحدد أشخاصًا بأسمائهم كما جاء في رواية حديث غدير خم.

إن الاعتقاد بالإمامة والوصاية من أهم عقائد الشيعة الإمامية حيث يرون أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أثناء عودته من حجة الوداع وقف في غدير خُمْ في نحو عشرين ألفًا من الصحابة وأعلن أن عَلِيًّا هو الوصي والإمام من بعده وحصر الأئمة في اثنا عشر إمامًا كلهم معصومون ولا يجوز عليهم الخطأ وكل منهم ينص ويعلن عن الإمام الذي يليه (¬1)، وهذه من الأمور المتواترة عندهم ومن المعلوم من الدين بالضرورة ولكن الإمام الحسن ابن الإمام عَلِيٍّ وهو الإمام الثاني الاثنا عشر عندما قامت الحرب بينه وبين معاوية وتبادلا الرسائل ليقنع كل منهما الآخر في أحقيته بالخلافة، الإمام الحسن في هذه الرسائل التي أوردها الأصفهاني (¬2) (الشيعي) لم يشر من قريب أو بعيد إلى حديث غدير خُمْ، بل انتهى مختارًا إلى نتيجة تنقض هذا الحديث، فعلى الرغم من كثرة أنصاره وأتباعه وعجز معاوية عن محاربته فقد تنازل عن الخلافة لمعاوية. والأمر الآخر أنه في كتاب الصلح الذي وجهه إلى معاوية ورد فيه: «وَلَيْسَ لِمُعَاوِيَةَ أَنْ يَعْهَدَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، بَلْ يَكُونُ الأَمْرُ مِنْ بَعْدِهِ شُورَى بَيْنَ المُسْلِمِينَ». وهذا معتقد أهل السنة وهو أن الإمامة والخلافة شورى بين المسلمين وغير محصورة في الأئمة الاثنا عشر، والإمام الحسن في هذه الرسائل لم يعلل طلب الإمامة لنفسه بوصية النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا بحديث غدير خُمْ، بل طلب البيعة والطاعة له حتى يحقن دماء المسلمين، وفي رسالة معاوية كان الرد أنه الأكبر سِنًّا والأقدم تجربة والأكثر سياسة والأطول ولاية؟.

كما يذكر النُّوبَخْتِي من علماء الشيعة أن أتباع الحسن افترقوا بعد مقتل الحسين ومنهم من قال بإمامة محمد بن الحنفية وأنه الإمام المهدي بل منهم من قال أنه لم يمت وغاب ليعود ويملأ الأرض عدلاً (¬3).
¬__________
(¬1) " أصل الشيعة وأصولها " للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء: ص 272.
(¬2) " مقاتل الطالبيين " للإمام أبو الفرج الأصفهاني: ص 55.
(¬3) " فرق الشيعة " للنوبختي: ص 24، 62. و" الصواعق المحرقة " لابن حجر: 134.

الصفحة 127