كتاب السنة المفترى عليها

الروايات السابقة التي تحكم بكفر من عدا الجعفرية والتي تُعَرِّفُ النواصب بأنهم أهل السنة وتضغ لهم أحكامًا هي أحكام الكفار والمرتدين عن الإسلام. وهذا ليس تكهنًا، فقد روى المُفِيدُ في " الأمالي " عن جابر قال: «قُلْتُ لأًبٍي جَعْفَرَ البَاقِرَ: «إِذَا حَدَّثْتَنِي بِحَدِيثٍ فَأَسْنِدْهُ لِي». فقال: «حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي رَسُولَ اللهِ عَنْ جِبْرَائِيلَ عَنْ اللهِ، وَكُلَّمَا أُحَدِّثُكَ فَبِهَذَا الإِسْنَادِ».
وَقَالَ: «يَا جَابِرُ: الحَدِيثُ وَاحِدٌ تَأْخُذُهُ عَنْ صَادِقٍ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (" الأمالي " للشيخ المفيد: ص 26).

وفي هذا يقول الشيخ الآصفي: «إِنَّ كُلَّ حَدِيثٍ صَادِرٍ عَنْهُمْ فِي الأُصُولِ أَوْ الأَحْكَامِ لَيْسَ مِنْ رَأْيِهِمْ، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ اِجْتِهَادِهِمْ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا يَسْتَنِدُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، انْتَهَى عِلْمُهُمْ إِلَيْهِمْ وَيَرْوُونَهَا عَنْهُمْ، سَوَاءٌ رَوَوْهَا كَمَا يَرْوِي المُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ مُسَلْسَلاً، مُسْنَدًا، أَمْ أَرْسَلُوهَا إِرْسَالاً».

وهنا يكمن الخطر ففي الوقت الذي يؤكد فيه بعض علماء الشيعة المعاصرين على عدم قبولهم أي كتاب إلا القرآن الكريم.
نراهم هم أنفسهم يقولون إن العبرة بمدى ثقة الراوي وأن عدم إسناد الرواية إلى من رواها لا تقدح في هذه الرواية طالما صدرت عن ثقة. وعلى هذا فلدينا روايات عن الثقات من الشيعة لشأن حكم النواصب وهو أنه حلال المال والدم، وأن النواصب هم أهل السنة.
بينما النواصب في التاريخ الإسلامي هم من استخدمهم يزيد بن معاوية في محاربة آل البيت - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - وانتصر بهم عليهم (¬1). ولا وجود لهم في عصرنا.

وهكذا في جميع المسائل الرئيسية المختلف عليها مثل الزعم بتحريف القرآن وكفر الصحابة عدا قلة من آل البيت، نجد علماء من الشيعة ينكرون هذا الغلو والتطرف بل والتحريف.
ثم نجد غيرهم يصرون على هذه الروايات المزيفة والتي ليس لها من سند صحيح أو متصل بمن نسبوها إليهم من الأئمة المفترى عليهم بهذه الأقوال.
¬__________
(¬1) " تفسير المنار " للشيخ محمد رشيد رضا: ج 6 ص 303.

الصفحة 132