كتاب السنة المفترى عليها

لهذا أرسل النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا وحده ليبلغ الناس في موسم الحج الأحكام الواردة في سورة التوبة وفيها ما يتعلق بالكفر والإيمان وهذه من العقائد.

فلو كان خبر الواحد لا يعمل به في العقائد لأرسل النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفدًا. ولكنه لم يفعل ذلك، بل أرسل نفرًا واحدًا لكل بلد ليبلغ أهلها أحكام الدين كلها بما فيها العقائد والعبادات والمعاملات.

خامسًا: إن أهل البلاد استقبلوا مبعوث النبي وهو فرد واحد وتلقوا عنه هذه الأحكام. وظل الصحابة والسلف الصالح من بعدهم يقبلون خبر الآحاد في العقائد وغيرها، حتى ظهرت التقسيمات النظرية التي لا تستند إلى شيء إلا المنطق العقلي، وهو ليس مصدرًا للأحكام الشرعية بل وينقضه منطق عقلي مخالف.

سادسًا قول ابن تيمية في كتابه " الفتاوى ": «كَانَ جُمْهُورُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الوَاحِدِ إذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ عَمَلاً بِهِ أَنَّهُ يُوجِبُ العِلْمَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد إلاَّ فِرْقَةً قَلِيلَةً مِنْ المُتَأَخِّرِينَ اتَّبَعُوا فِي ذَلِكَ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الكَلاَمِ» (¬1).

سابعًا: وهذه الحقيقة ثابتة ومؤكدة منذ عصر الصحابة فأول رسالة في هذا كتبها الإمام الشافعي فقال: «اِجْتَمَعَ المُسْلِمُونَ قَدِيمًا وَحَديثًا عَلَى تَثْبِيتِ خَبَرَ الوَاحِدِ وَالاِنْتِهاءِ إِلَيه» (¬2).
¬__________
(¬1) " مجموع الفتاوى ": جـ 13 ص 351.
(¬2) " الرسالة ": ص 106 - 121.

الصفحة 166