كتاب السنة المفترى عليها

ثامنًا: قال الكرابيسي وابن منداد وابن حزم وأبو يعلى الحنبلي: إن خبر الواحد حجة في العقائد، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي " التَّبْصِرَةِ " وَ" شَرْحِ اللُّمَعِ ": «وَخَبَرُ الوَاحِدِ إِذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ يُوجِبُ العِلْمَ وَالعَمَلَ سَوَاءٌ عَمِلَ بِهِ الكُلُّ أَوِ البَعْضُُُُ» ولو كان هناك دليل قطعي على أن العقيدة لا تثبت بخبر الآحاد لصرح بذلك الصحابة (¬1).

تاسعًا: قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: «جَمِيعَُ مَا حَكَمَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللهُ - بِصِحَّتِهِ فى هَذَا الكِتَابَ فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ وَالعِلْمَ النَّظَرِيَّ حاصِلٌ بِصِحَّتِهِ فِي نَفْسِ الأَمْرِ وَهَكَذَا مَا حَكَمَ البُخَارِيُّ بِصِحَّتِهِ في كِتَابِهِ وَذَلِكَ لأَنَّ الأُمَّةَ تَلَقَّتْ ذَلِكَ بِالقَبُولِ سِوَى مِنْ لاَ يُعْتَدُّ بِخِلاَفِهِ وَوِفَاقَِهِ فِي الإِجْمَاعِ» (¬2).

عاشرًا: قال ابن حزم: «فَخَبَرُ الوَاحِدِ إِذَا اتصل برواية العدل إلى رسول الله وجب العمل به ووجب العلم بصحته إذ الناقل للخبر إما أن يكون عدلاً أو فاسقًا، فإن كان فاسقًا فقد أمرنا بالتبين في أمره وخبره، فأوجب ذلك سقوط قوله فلم يبق إلا العدل فكان هو المأمور بقبول روايته»، وقال: «جَمِيعُ أَهْل الإِسْلامِ كَانُوا عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الوَاحِدِ الثِّقَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلْمَ يَجْزِي عَلَى ذَلِكَ كُلَّ فِرْقَةَ فِي عِلْمِهَا كَأَهْلِ السِّنَّةَِ وَالخَوَارِجَ وَالشِّيَعَةَِ وَالقِدْرِيَّةَ حَتَّى حَدَثَ مُتَكَلِّمُو المُعْتَزِلَةَ بَعْدَ المِائَةِ مِنَ التَّارِيخِ فَخَالَفُوا الإِجْمَاعَ» (¬3).

حادي عشر: وقال السفاريني: «وَلَمَّا وَقَفَ ابْنُ كَثِيرٍ عَلَى اخْتِيَارِ ابْنِ الصَّلاَحِ مِنْ أَنَّ مَا أُسْنِدَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ، قَالَ: وَإِنَّا مَعَ ابْنِ الصَّلاَحِ فِيمَا عَوَّلَ عَلَيْهِ وَأَرْشَدَ إِلَيْهِ» (¬4).
¬__________
(¬1) " وجوب الأخذ بأحاديث الآحاد في العقيدة ": ص 24.
(¬2) " شرح النووي لصحيح مسلم ": جـ 1 ص 14.
(¬3) " الإحكام في أصول الأحكام " لابن حزم: جـ 1 ص 14 - 17.
(¬4) " لوامع الأنوار البهية " للسفاريني: ص 17.

الصفحة 167