كتاب السنة المفترى عليها

وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (¬1).

وفي هذا روى ابن تيمية أن أبا بكر المروذي سأل الإمام أحمد بن حنبل عن إنسان يقول: «إِنَّ الخَبَرَ يُوجِبُ عَمَلاً وَلاَ يُوجِبُ عِلْمًا [فَعَابَهُ] وَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا [هَذَا]» (¬2).

فهؤلاء يرون أنه من الصعب جدًا أو من المستحيل أن يكلف الله المسلم بدعاء التشهد وفيه التعوذ بالله من عذاب القبر ومن فتنة المسيح الدجال، ثم يعمل المسلم ذلك وهو يعتقد أن الذي يستعيذ بالله منه أمر غير ثابت والعلم بصحته غير واجب شرعًا.

والجدير بالذكر أن الذين يقولون إن أحاديث الآحاد ليست حجة في العقائد، يستدلون على ذلك بأن العقيدة هي الجزم واليقين، وقد نهى الله عن اتباع الظن في العقائد فقال تعالى: {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23]. كما قال تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28].

ولكن يلاحظ أن الظن الوارد في هذه الآيات يتعلق بإثبات الألوهية لغير الله تعالى، وهذا يختلف تمامًا عن الظن المنسوب إلى أحاديث الآحاد، فالشرك مع الله تعالى يستند إلى ظن هو الوهم والخيال الكاذب الذي لا يوجد أدنى احتمال على صدقه.
¬__________
(¬1) [الأعراف: 33].
(¬2) " المسودة " [لآل] تيمية: ص 242.

الصفحة 170