كتاب السنة المفترى عليها

الأرواح فسر للناس شيئا كثيرا مما كانوا فيه يختلفون، وأعان على فهم تجرد الروح وإمكان انفصالها وفهم ما تستطيعه من السرعة في طيّ الأبعاد، وقد انتفع الدكتور هيكل بشيء من هذا في تقريب قصة الإسراء فأتى بشيء طريف».

وإذا كان هذا اتجاه المستشرقين وهؤلاء ظهروا حديثًا فإن التبشير والمبشرين لم يكن معاصرًا لحركة المستشرقين، بل يمتد إلى عصور الإسلام الأولى حيث جند علماء أهل الكتاب أنفسهم للتبشير بدينهم والطعن على الإسلام بطرق مختلفة، ومنها اختلاق أحاديث وروايات ونسبتها إلى بعض الصحابة والتابعين، ولذا لا يجب الاعتماد على كتب السيرة والتاريخ إلا إذا تم تحقيق رواياتها كما حدث في كتب السنة النبوية، فقد ورد في كتاب أحد الإصلاحيين قال: «ضعوا من المواد القانونية ما يبدو أنه يوافق الزمان والمكان وأنا لا يعوزني أن آتيكم بنص من المذاهب الإسلامية يطابق ما وضعتهم» (¬1).

لهذا أظهر المخطط الصليبي ومفكروه وفلاسفته رضاهم عن اتجاه المدرسة الإصلاحية وتشجيعهم لها، من ذلك قول - جب - في كتابه " إلى أين يتجه الإسلام؟ ": «لسوء الحظ ظل قسم كبير من المسلمين المحافظين ولا سيما في الهند لا يخضعون لهذه الحركات الإصلاحية المهدئة وينظرون إلى الحركة التي تزعمها مدرسة عليكرة بالهند، ومدرسة محمد عبده بمصر نظرة كلها ريبة وسوء ظن لا تقل عن ريبتهم في الثقافة الأوروبية نفسها» ولكن الإصلاح الذي ينشده المستشرق جب أوضحه في نفس الكتاب: «إن مشكلة الإسلام بالقياس إلى الأوروبيين، ليست مشكلة أكاديمية خالصة فحسب فإن لتعاليم الدين الإسلامي من السيطرة على المسلمين في كل تصرفاتهم ما يجعل لها مكانًا بارزًا في أي تخطيط لاتجاهات العالم الإسلامي». والتخطيط الذي يريده سجله في
¬__________
(¬1) القول المنسوب للشيخ المراغي في كتاب لأنور الجندي باسم " الإمام المراغي "، العدد 115 من سلسلة كتب (إقرأ) .....

الصفحة 213