كتاب السنة المفترى عليها

ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيً} [البقرة: 260]. لا يفيد أبدًا أن هذه الطيور مزقت ووزعت على الجبال ثم أعاد الله الروح وبعثها بعد نداء الله لها. إذ يقول هؤلاء أن المعنى لما ورد في القرآن هو أن يضم نبي الله إبراهيم إليه بعض الطيور حتى تستأنس بحيث يستجيب له كلما ناداها، ثم بعد ذلك يوزعها على الجبال أي دون أن يمزقها وينادي عليها حسبما دربها لأن الطيور من أشد الحيوانات استعدادًا لذلك، وهنا ستأتيه سعيًا، والغريب أن هؤلاء الإصلاحيون قد كذبوا صريح القرآن دون أن يدركوا ذلك، فالقرآن الكريم قدم لهذا العمل بقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260]، ومن ثم لا تفسير لعبارة {ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا} [البقرة: 260] إلا تفسيرٌ واحدٌ وهو أن الطيور مزقها إبراهيم وفرق أجزاءها على الجبال، ليثق كيف يحيي الله الموتى، ولكن القوم يزعمون غير ذلك. وأيضًا: قول الله: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} [الفيل: 3، 4] لا تفسير له إلا أن هذه الطيور ألقت بالحجارة على جيش أبرهة الذي جاء لهدم الكعبة ولكن دعاة الإصلاح يكذبون ذلك وهم يزعمون أنهم يدافعون عن الإسلام.

9 - إن الذين يردون المعجزات التي رويت بغير طريق التواتر، ويقولون: إن الأحاديث النبوية غير المتواترة ليست قطعية الثبوت. لقد غابت عنهم أمور كثيرة أهمها أن المعجزات النبوية هي أحداث تاريخية خارقة للعادات يتناقلها الناس كافة قرنًا عن قرن، وهذا النقل الجماعي يتحقق فيه التواتر وزيادة، ومن ثم لم يستطع أعداء الإسلام أن يردوا أخبار الغزوات التاريخية ونتائجها التي ليست في صالحهم. وعليه فالأمور الكونية مثل خسوف القمر وانشقاقه إنما تنقل قرنًا عن قرن بحيث تصبح متواترة في ذاتها، أما ما يجيب به النبي من قول عن هذه المعجزات فقد يروى بطريق الآحاد كما لو كان جوابًا لسائل، وهذا لا يطعن في تواتر الوقائع والمعجزات ذاتها.

10 - إن أحاديث الإسراء والمعراج وأحاديث انشقاق القمر قد رويت

الصفحة 215