كتاب السنة المفترى عليها

العشب المائي الذي يسمى الأيلوديا تحت العدسة الكبرى للمجهر، فشاهدوا مظاهر الحياة المنتظمة والرائعة، فكل خلية تؤدي جميع وظائف الحياة مستقلة عن غيرها من الخلايا الأخرى المشابهة لها وتتكون الورقة الواحدة من آلاف من هذه الخلايا المتراكمة التي تعدو كأنها بنيان مرصوص. وفي الخلية حركة ففي داخل شريط الحشو (السيتوبلازم) أجسام دقيقة خضر، تتهادى فيه كما تتهادى السفن الصغيرة يجرفها تيار الماء في بحر خضم، إنه الحبلة (البروتوبلازم) ذو التركيب المائي والحيوية الفياضة هو الذي يتحرك وهو مركز الحركة والحياة في جميع الكائنات الحية (¬1).

فلعل هذه الحياة والحركة في خلايا تفسر لغير المؤمنين ما عجزوا عن فهمه من الخوارق والمعجزات وكذلك الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية تفسر لهم فهم الإسراء والمعراج كان في الماضي عسير الفهم لدى من هزموا أمام هجمات بعض المستشرقين حتى قال الدكتور هيكل: إن المعراج استجمام ذهني ونفسي لوحدة الوجود كما أن القرآن منذ خمسة عشر قرنًا قد نص على أنه توجد معارج للملائكة تستخدمها بين الأرض والسماوات السبع، وقد ذكرت سورة المعارج سرعة هذه المعارج، يقول الله: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4].

ووضعت سورة السجدة معراجًا في قول الله تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: 5]. فالمسافة التي تقطعها بعض المعارج في يوم نقطعها نحن بوسائلنا في خمسين ألف سنة ومسافة أخرى تقطعها معارج أخرى في يوم نقطعها نحن في ألف سنة.
وكل ذلك لم يكن معلومًا بهذا التفصيل قبل صنع المصاعد الكهربائية والأقمار الصناعية والنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصف المعراج بقوله: «لَمَّا فَرَغْتُ مِمَّا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أُتِيَ بِالمِعْرَاجِ، وَلَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَهُوَ الذِي يَمُدُّ إِلَيْهِ مَيِّتُكُمْ عَيْنَيْهِ إِذَا حُضِرَ (جاءه ملك الموت) فَأَصْعَدَنِي فِيهِ [صَاحِبِي] حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ ... ».
¬__________
(¬1) بحث للدكتور رسل تشارلز أرنست، دكتوراه في علم الأحياء والنبات. نقلاً عن كتاب " الله يتجلى في عصر العلم ": ص 73، طبعة الحلبي بالقاهرة / 1968 م بالاشتراك مع مؤسسة فرانكلين.

الصفحة 221