كتاب السنة المفترى عليها

52 - نَسْخُ القُرْآنِ لِلْسُنَّةِ:
إذا كان ذلك فهل تنسخ السُنَّةُ النَّبَوِيَّةُ الأحكام الواردة في القرآن الكريم؟

لقد قال بعض الفقهاء: إن السنة لا تنسخ القرآن لأن الله تعالى يقول: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106].

فقال قوم: إن السنة النبوية ليست خيرًا من القرآن حتى تنسخه فنرى التخصيص، فالنسخ قد يؤدي إلى التعارض بين القرآن والسنة أو إلى وصف السنة بعدم النسخ ثم العمل بنصوصها التي تخصص بعض أحكام القرآن الكريم. وعليه فالواجب النظر الدقيق في مفهوم هذه الآية لأن الاستدلال السابق يؤدي إلى هذه النتيجة. مع أن السنة من الوحي لقول الله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [سورة النجم، الآيتان: 3 - 4].

إن ربط الآية بما قبلها وما بعدها يعطي فهمًا آخر وهو أنها تتعلق بنسخ الرسالات والآيات الكونية المؤيدة لها، فالآية السابقة هي: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: 105]. فالخطاب يرتبط بالرسالات السابقة التي نسخها القرآن الكريم والآية التي بعدها تؤكد ذلك في قول الله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [البقرة: 108]. والآية بمعنى المعجزة في آيات القرآن، وسواء كان سبب نزول الآية هو تعديل بعض أحكام التوراة أو

الصفحة 268