كتاب السنة المفترى عليها

58 - الصَّحَابَةُ وَالإِكْثَارُ مِنَ السُنَّةِ:
لقد كان بعض صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر تفرغًا من غيرهم ولهذا اشتهروا بكثرة الرواية عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

لقد كان أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - من هؤلاء الصحابة وهذا مما أغضب المستشرق اليهودي (جولدتسيهر) فقال عنه: «ويظهر أن علمه الواسع بالأحاديث التي كانت تحضره دائمًا قد أثار الشك في نفوس الذين أخذوا عنه مباشرة والذين لم يترددوا في التعبير عن شكوكهم بأسلوب ساخر» (¬1).

ولكن كاتبًا مسلمًا لم يقف عند هذا الذي زعمه جولدتسيهر من أن كثرة رواية أبي هريرة أثارت الشك في نفوس من أخذوا عنه أي التابعين، بل زاد الكاتب المسلم أن بعض الصحابة كَذَّبُوا أبا هريرة (¬2).

لهذا نوضح هذه المسألة ليزداد المؤمن إيمانًا بالسنة ورواتها، ولقد أسلم أبو هريرة سَنَةَ سَبْعٍ من الهجرة فكان يسمى عبد شمس بن صخر فسماه النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبد الرحمن بن صخر ويكنى بأبي هريرة لأنه كان يحمل هرة صغيرة. وعلى الرغم من تأخر إسلامه إلا أنه روى كثيرًا من الأحاديث كما كان يفتي للصحابة فقد روى الإمام مسلم بسنده عن عروة عن عائشة - رَضِيَ
¬__________
(¬1) كتاب " العقيدة والشريعة " للمستشرق جولدتسيهر.
(¬2) أحمد أمين في كتابه " فجر الإسلام ": ص 265 وما بعدها. وانظر البند 69.

الصفحة 308