كتاب السنة المفترى عليها

مَذْهَبًا إذَا كَانُوا مَعَهُ إلاَّ بِاسْتِئْذَانِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ لَوَازِمِهِ أَنْ لاَ يَذْهَبُوا إلَى قَوْلٍ وَلاَ مَذْهَبٍ عِلْمِيٍّ إلاَّ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ، وَإِذْنُهُ [يُعْرَفُ بِدَلاَلَةِ مَا جَاءَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ فِيهِ]».

إن كل ذي حس وبصيرة يدرك أن قول الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]، وقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وغير ذلك مما ورد في القرآن عن طاعة الرسول كلها آيات بينات على لزوم السنة وحفظ الله لها، إذ لو كان القرآن وحده هو المصدر التشريعي للمسلمين لما كان لهذه الآيات وغيرها معنى لأنها تشير إلى بيان الرسول، وهذا البيان ليس في القرآن الكريم، لهذا أمر الله بطاعة الرسول فيما أمرنا به أو نهانا عنه.

كما جاءت السنة النبوية بأحكام ليست في القرآن الكريم مثل تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في الزواج (¬1).

ومنها عقوبة شرب الخمر ورجم الزاني المحصن وميراث الجدة، كما خصصت السنة أحكامًا جاءت عامة في القرآن، فالله تعالى يقول: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ... } [النساء: 11]. ولكن جاءت السنة وخصصت هذا بحديث: «لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلاَ يَرِثُ الكَافِرُ المُسْلِمَ» (¬2).

وفصلت السنة أمورًا كانت مجملة في القرآن مثل عدد الصلوات ومواقيتها وكيفيتها ومناسك الحج والأموار الخاضعة للزكاة وشروط ذلك وأحكام الصوم.

ولقد أجمع أهل الإسلام على أن هذه الأحكام واجبة كتلك الواردة في القرآن ولا فرق ولكن يوجد بين الفقهاء خلاف لفظي في وصف السنة فنجد
¬__________
(¬1) " البخاري ": 7/ 11، و" مسلم ": 4/ 135.
(¬2) أخرجه " البخاري " و" مسلم " وأصحاب السنن.

الصفحة 322