كتاب السنة المفترى عليها

2 - وقد يدل اللفظ على ما سيق له مما يزيده وضوحًا على الظاهر مثل قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]، فالنص في اللغة هو توضيح الشيء وتبيينه لهذا إذا تعارض الظاهر مع النص يقدم النص ويرجح على الظاهر ومن ثم يرجح الخاص على العام عند التعارض لأن الخاص هو المقصود أصالة بالحكم.

3 - قد يكون اللفظ مفسرًا وهو ما دل بنفسه على معناه المفصل بحيث لا يبقى معه احتمال كقول الله في عقوبة القذف: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4]، ولهذا إذا تعارض النص مع المفسر يرجح المفسر.

4 - ويكون اللفظ خفيًا أي تدل صفته على المراد منه بوضوح ولكن في تطبيقه يوجد خفاء في بعض أفراده، ويزول هذا الخفاء عن طريق المباحث اللغوية والقرائن مثل لفظ «السارق» فهو واضح الدلالة ولكن يعرض لبعض من يشملهم هذا اللفظ مثل النشال الذي يسرق الجيوب خفية والنباش الذي يسرق الكفن من القبر.

فتوصل العلماء بدخول النشال في عداد السارقين في حكم القرآن الكريم لأن اسمه دل على نوع خاص من السرقة ولا يمنع فهو يسرق في غفلة من الأعين الساهرة والآخر يسرق في غفلة من الأعين النائمة، أما النباش فلا يدخل في حد السرقة لأنه يسرق ما ليس له صاحب.

5 - والمجمل: لفظ لا يدل بصيغته على المراد منه ولا توجد قرائن تبينه والسنة النبوية جاءت لتبين ذلك فعلاً، فلا يقال إن الحكم المستخلص من هذا اللفظ من وضع البشر، فقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103]، لفظ الصدقة فيه مجمل ولكن دلت القرائن على أنه قد أريد به زكاة المال حسبما فصلتها السنة النبوية، فوجب العمل بذلك ولا يقال: إن هذا التفصيل حكم بشري غير ملزم وكذلك قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267].
الإجمال هنا في لفظ «أَخْرَجْنَا» فلم يبين المقدار وجاءت السنة النبوية وفصلت ذلك في قول النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

«فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ [بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ]» (فيما سقي بدلو أو راشية (*)
¬__________
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) لم يرد نص حديث بهذا اللفظ، وما وضعته ما بين ( .... ) تفسير من المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - لنص الحديث الذي أثبته ما بين [ .... ] كما ورد في كتب الحديث.

الصفحة 344