كتاب السنة المفترى عليها

بينهما في يومين آخرين، فذلك قوله تعالى: {دَحَاهَا} [النازعات: 30]، ثم قال ابن عباس: «فلا يختلفن عليك القرآن، فإن كلا من عند الله تعالى».

وأخيرًا يدعي الناقد أن الحديث النبوي ذكر خلق التربة يوم السبت بينما يعلم الجميع أن اليوم هو حصيلة دوران الأرض حول محورها دورة كاملة بالنسبة للشمس، وقبل أن يخلق الله الأرض والشمس وتدور الأرض حول محورها لم يكن هناك سبت ولا أحد، لهذا فالحديث النبوي في نظره غير صحيح (¬2).

ولقد غاب عن الناقد أن الحديث النبوي يشير إلى خلق التربة وهي غير خلق الأرض كما ذكرت، فقد أشار الحديث إلى خلق التربة، خلق الجبال والشجر وغير ذلك مما يوجد على الأرض ولا تناقض بين ذلك وبين ما ورد في القرآن الكريم عن خلق الأرض، كما غاب عنه أن الله الخالق يعلم الأيام والشهور وأسماءها، قبل خلقها، قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36].

والكاتب يعلم أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما قال ذلك إلا بوحي من الله تعالى الذي قال في ذلك: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4]. ذلك أن السنة والقرآن ينبعان من مشكاة واحدة وبهذا قال النبي فيما رواه الترمذي وابن ماجه: «إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ»، كما قال فيما رواه الطبراني في " الأوسط " (*): «إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مَأْمُورٌ مَا أُمِرْتُ بِهِ فَعَلْتُ» {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: 50] (¬3).
¬__________
(¬2) عز الدين بليق في كتابه " موازين القرآن والسنة ": ص 69 - 75.
(¬3) " الحاوي للفتاوى " للإمام جلال الدين السيوطي: ص 65.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) ورد في الكتاب المطبوع (رواه الطبراني في " الأوسط ") والصواب أنه رواه في " الكبير ".
انظر: الطبراني " المعجم الكبير "، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي: 12/ 147، حديث رقم 12722، الطبعة الثانية، دار النشر: مكتبة ابن تيمية - القاهرة.

الصفحة 353